Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 62-63)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ } أي الذي يجمع له الناس نحو الجهاد والتدبير في الحرب وكل اجتماع في الله حتى الجمعة والعيدين { لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّىٰ يَسْتَـذِنُوهُ } أي ويأذن لهم . ولما أراد الله عز وجل أن يريهم عظم الجناية في ذهاب الذاهب عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إذنه إذا كانوا معه على أمر جامع ، جعل ترك ذهابهم حتى يستأذنوه ثالث الإيمان بالله والإيمان برسوله ، وجعلهما كالتشبيب له والبساط لذكره . وذلك مع تصدير الجملة بـ { إنما } وإيقاعٍ المؤمنين مبتدأ مخبراً عنه بموصول أحاطت صلته بذكر الإيمانين ، ثم عقبه بما يزيده توكيداً وتشديداً حيث أعاده على أسلوب آخر وهو قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَـذِنُونَكَ أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } وضمنه شيئاً آخر وهو أنه جعل الاستئذان كالمصداق لصحة الإيمانين وعرض بحال المنافقين وتسللهم لوإذاً { فَإِذَا ٱسْتَـذَنُوكَ } في الانصراف { لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ } أمرهم { فَأْذَن لّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ } فيه رفع شأنه عليه الصلاة والسلام { وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمُ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } وذكر الاستغفار للمستأذنين دليل على أن الأفضل أن لا يستأذن . قالوا : وينبغي أن يكون الناس كذلك مع أئمتهم ومقدميهم في الدين والعلم يظاهرونهم ولا يتفرقون عنهم إلا بإذن ، قيل : نزلت يوم الخندق كان المنافقون يرجعون إلى منازلهم من غير استئذان { لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَاء ٱلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُمْ بَعْضاً } أي إذا احتاج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اجتماعكم عنده لأمر فدعاكم فلا تفرقوا عنه إلا بإذنه ، ولا تقيسوا دعاءه إياكم على دعاء بعضكم بعضاً ، ورجوعكم عن المجمع بغير إذن الداعي أو لا تجعلوا تسميته ونداءه بينكم كما يسمي بعضكم بعضاً ويناديه باسمه الذي سماه به أبواه ، فلا تقولوا يا محمد ولكن يا نبي الله يا رسول الله مع التوقير والتعظيم والصوت المخفوض . { قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ } يخرجون قليلاً قليلاً { مِنكُمْ لِوَاذاً } حال أي ملاوذين اللواذ . والملاوذة هو أن يلوذ هذا بذاك وذاك بهذا أي ينسلون عن الجماعة في الخفية على سبيل الملاوذة واستتار بعضهم ببعض { فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ } أي الذين يصدون عن أمره دون المؤمنين وهم المنافقون . يقال : خالفه إلى الأمر إذا ذهب إليه دونه ومنه : { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَـٰكُمْ عَنْهُ } [ هود : 88 ] وخالفه عن الأمر إذا صد عنه دونه . والضمير في { أمره } لله سبحانه أو للرسول عليه الصلاة والسلام والمعنى عن طاعته ودينه ومفعول { يحذر } { أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ } محنة في الدنيا أو قتل أو زلازل وأهوال أو تسليط سلطان جائر أو قسوة القلب عن معرفة الرب أو إسباغ النعم استدراجاً { أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الآخرة . والآية تدل على أن الأمر للإيجاب .