Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 13-15)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلَمَّا جَاءتْهُمْ ءايَـٰتُنَا } أي معجزاتنا { مُبْصِرَةً } حال أي ظاهرة بينة جعل الإبصار لها وهو في الحقيقة لمتأمليها لملابستهم إياها بالنظر والتفكر فيها ، أو جعلت كأنها تبصر فتهدي لأن الأعمى لا يقدر على الاهتداء فضلاً أن يهدي غيره ومنه قولهم « كلمة عيناء وعوراء » لأن الكلمة الحسنة ترشد والسيئة تغوي { قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } ظاهر لمن تأمله وقد قوبل بين المبصرة والمبين { وَجَحَدُواْ بِهَا } قيل : الجحود لا يكون إلا من علم من الجاحد وهذا ليس بصحيح ، لأن الجحود هو الإنكار وقد يكون الإنكار للشيء للجهل به وقد يكون بعد المعرفة تعنتاً كذا ذكره في شرح التأويلات . وذكر في الديوان يقال جحد حقه وبحقه بمعنى . والواو في { وَٱسْتَيْقَنَتْهَا } للحال و « قد » بعدها مضمرة والاستيقان أبلغ من الإيقان { أَنفُسِهِمْ } أي جحدوها بألسنتهم واستيقنوها في قلوبهم وضمائرهم { ظُلْماً } حال من الضمير في { وجحدوا } وأي ظلم أفحش من ظلم من استيقن أنها آيات من عند الله ثم سماها سحراً بيناً { وَعُلُوّاً } ترفعاً عن الإيمان بما جاء به موسى { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } وهو الإغراق هنا والإحراق ثمة . { ولقد ءاتينا } أعطينا { داوود وسليمان علماً } طائفة من العلم أو علماً سنياً غزيراً والمراد علم الدين والحكم { وقالا الحمد لله الذي فضّلنا على كثيرٍ مّن عباده المؤمنين } والآيات حجة لنا على المعتزلة في ترك الأصلح وهنا محذوف ليصح عطف الواو عليه ولولا تقدير المحذوف لكان الوجه الفاء كقولك « أعطيته فشكر » ، وتقديره : آتيناهما علماً فعملا به وعلماه وعرفا حق النعمة فيه وقالا الحمد لله الذي فضلنا ، والكثير المفضل عليه من لم يؤت علماً أو من لم يؤت مثل علمهما ، وفيه أنهما فضلا على كثير وفضل عليهما كثير . وفي الآية دليل على شرف العلم وتقدم حملته وأهله ، وأن نعمة العلم من أجلّ النعم ، وأن من أوتيه فقد أوتي فضلاً على كثير من عباده ، وما سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة لأنهم القوام بما بعثوا من أجله ، وفيها أنه يلزمهم لهذه النعمة الفاضلة أن يحمدوا الله على ما أوتوه ، وأن يعتقد العالم أنه إن فضل على كثير فقد فضل عليهم مثلهم ، وما أحسن قول عمر رضي الله عنه : كل الناس أفقه من عمر رضي الله عنه .