Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 43-45)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَتِلْكَ ٱلأَمْثَـٰلُ } الأمثال نعت والخبر { نَضْرِبُهَا } نبينها { لِلنَّاسِ } كان سفهاء قريش وجهلتهم يقولون : إن رب محمد يضرب المثل بالذباب والعنكبوت ويضحكون من ذلك فلذلك قال { وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ ٱلْعَـٰلِمُونَ } به وبأسمائه وصفاته أي لا يعقل صحتها وحسنها ولا يفهم فائدتها إلا هم ، لأن الأمثال والتشبيهات إنما هي الطرق إلى المعاني المستورة حتى تبرزها وتصورها للأفهام كما صور هذا التشبيه الفرق بين حال المشرك وحال الموحد . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تلا هذه الآية فقال " العالم من عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه " ودلت الآية على فضل العلم على العقل . { خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقّ } أي محقاً يعني لم يخلقهما باطلاً بل لحكمة وهي أن تكونا مساكن عباده وعبرة للمعتبرين منهم ودلائل على عظم قدرته ، ألا ترى إلى قوله { إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ } وخصهم بالذكر لانتفاعهم بها { ٱتْلُ مَا أُوْحِىَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَـٰبِ } تقرباً إلى الله تعالى بقراءة كلامه ولتقف على ما أمر به ونهى عنه { وأقم الصلاة } أي دم على إقامة الصلاة { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء } الفعلة القبيحة كالزنا مثلاً { وَٱلْمُنْكَرِ } هو ما ينكره الشرع والعقل . قيل : من كان مراعياً للصلاة جره ذلك إلى أن ينتهي عن السيئات يوماً ما فقد روي أنه قيل يوماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن فلاناً يصلي بالنهار ويسرق بالليل . فقال : " إن صلاته لتردعه " روي أن فتى من الأنصار كان يصلي معه الصلوات ولا يدع شيئاً من الفواحش إلا ركبه فوصف له فقال " إن صلاته ستنهاه " فلم يلبث أن تاب . وقال ابن عوف : إن الصلاة تنهى إذا كنت فيها فأنت في معروف وطاعة وقد حجزتك عن الفحشاء والمنكر . وعن الحسن : من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فليست صلاته بصلاة وهي وبال عليه { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } أي والصلاة أكبر من غيرها من الطاعات ، وإنما قال ( ولذكر الله ) ليستقل بالتعليل كأنه قال : والصلاة أكبر لأنها ذكر الله . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : ولذكر الله إياكم برحمته أكبر من ذكركم إياه بطاعته . وقال ابن عطاء : ذكر الله لكم أكبر من ذكركم له الآن ، لأن ذكره بلا علة وذكركم مشوب بالعلل والأماني ، ولأن ذكره لا يفنى وذكركم لا يبقى . وقال سلمان : ذكر الله أكبر من كل شيء وأفضل فقد قال عليه السلام " ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير من إعطاء الذهب والفضة وأن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم " قالوا وما ذاك يا رسول الله قال " ذكر الله " وسئل أي الأعمال أفضل قال " أن تفارق الدنيا ولسانك رطب بذكر الله " أو ذكر الله أكبر من أن تحويه أفهامكم وعقولكم ، أو ذكر الله أكبر من تلقى معه معصية ، أو ذكر الله أكبر في النهي عن الفحشاء والمنكر من غيره : { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } من الخير والطاعة فيثيبكم أحسن الثواب .