Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 7-8)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَعْلَمُونَ } بدل من { لا يعلمون } وفيه بيان أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز عن تحصيل الدنيا . وقوله { ظَاهِراً مّنَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } يفيد أن للدنيا ظاهراً وباطناً ، فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخارفها ، وباطنها أنها مجاز إلى الآخرة يتزود منها إليها بالطاعة وبالأعمال الصالحة . وتنكير الظاهر يفيد أنهم لا يعلمون إلا ظاهراً واحداً من جملة ظواهرها { وَهُمْ عَنِ ٱلآخِرَةِ هُمْ غَـٰفِلُونَ } { هم } الثانية مبتدأ و { غافلون } خبره والجملة خبر { هم } الأولى ، وفيه بيان أنهم معدن الغفلة عن الآخرة ومقرها . { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ فِى أَنفُسِهِمْ } يحتمل أن يكون ظرفاً كأنه قيل : أولم يثبتوا التفكير في أنفسهم أي في قلوبهم الفارغة من الفكر والتفكر لا يكون إلا في القلوب ، ولكنه زيادة تصوير لحال المتفكرين كقوله « اعتقده في قلبك » ، وأن يكون صلة للتفكر نحو تفكر في الأمر وأجال فيه فكره ، ومعناه على هذا : أولم يتفكروا في أنفسهم التي هي أقرب إليهم من غيرها من المخلوقات وهم أعلم بأحوالها منهم بأحوال ما عداها ، فيتدبروا ما أودعها الله ظاهراً وباطناً من غرائب الحكمة الدالة على التدبير دون الإهمال ، وأنه لا بد لها من الانتهاء إلى وقت تجازى فيه على الإحسان إحساناً وعلى الإساءة مثلها حتى يعلموا عند ذلك أن سائر الخلائق كذلك أمرها جارٍ على الحكمة في التدبير ، وأنه لا بد لها من الانتهاء إلى ذلك الوقت ؟ { مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } متعلق بالقول المحذوف معناه : أولم يتفكروا فيقولوا هذا القول ؟ وقيل : معناه فيعلموا لأن في الكلام دليلاً عليه { إِلاَّ بِٱلْحَقّ وَأَجَلٍ مُّسَمًى } أي ما خلقها باطلاً وعبثاً بغير حكمة بالغة ولا لتبقى خالدة ، إنما خلقها مقرونة بالحق مصحوبة بالحكمة وبتقدير أجلٍ مسمى لا بد لها من أن تنتهي إليه وهو قيام الساعة ووقت الحساب والثواب والعقاب ، ألا ترى إلى قوله : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَـٰكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ } [ المؤمنون : 115 ] كيف سمى تركهم غير راجعين إليه عبثاً { وَإِنَّ كَثِيراً مّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَاء رَبّهِمْ } بالبعث والجزاء { لَكَـٰفِرُونَ } لجاحدون . وقال الزجاج : أي لكافرون بلقاء ربهم .