Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 40-57)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَا } أي لا يتسهل لها ولا يصح ولا يستقيم { أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ } فتجتمع معه في وقت واحد وتداخله في سلطانه فتطمس نوره لأن لكل واحد من النيرين سلطاناً على حياله ، فسلطان الشمس بالنهار وسلطان القمر بالليل { وَلاَ ٱلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ } ولا يسبق الليل النهار أي آية الليل آية النهار وهما النيران ، ولا يزال الأمر على هذا الترتيب إلى أن تقوم القيامة فيجمع الله بين الشمس والقمر وتطلع الشمس من مغربها { وَكُلٌّ } التنوين فيه عوض من المضاف إليه أي وكلهم والضمير للشموس والأقمار { فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } . يسيرون { وَءَايَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } { ذرياتهم } مدني وشامي { فِى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } أي المملوء . والمراد بالذرية الأولاد ومن يهمهم حمله وكانوا يبعثونهم إلى التجارات في بر أو بحر ، أو الآباء لأنها من الأضداد . والفلك على هذا سفينة نوح عليه السلام . وقيل : معنى حمل الله ذرياتهم فيها أنه حمل فيها آباءهم الأقدمين وفي أصلابهم هم وذرياتهم . وإنما ذكر ذرياتهم دونهم لأنه أبلغ في الامتنان عليهم { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ } من مثل الفلك { مَا يَرْكَبُونَ } من الإبل وهي سفائن البر { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ } في البحر { فَلا صَرِيْخَ لَهُمْ } فلا مغيث أو فلا إغاثة { وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ } لا ينجون { إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ } أي ولا ينقذون إلا لرحمة منا ولتمتيع بالحياة إلى انقضاء الأجل ، فهما منصوبان على المفعول له . { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } أي ما تقدم من ذنوبكم وما تأخر مما أنتم تعملون من بعد أو من مثل الوقائع التي ابتليت بها الأمم المكذبة بأنبيائها ، وما خلفكم من أمر الساعة أو فتنة الدنيا وعقوبة الآخرة { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } لتكونوا على رجاء رحمة الله . وجواب « إذا » مضمر أي أعرضوا ، وجاز حذفه لأن قوله { وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ ءَايَةٍ مِّنْ ءَايَـٰتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } يدل عليه . و « من » الأولى لتأكيد النفي والثانية للتبعيض أي ودأبهم الإعراض عند كل آية وموعظة { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } لمشركي مكة { أَنفِقُواْ مِمَّا رِزَقَكُمُ ٱلله } أي تصدقوا على الفقراء { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } عن ابن عباس رضي الله عنهما : كان بمكة زنادقة فإذا أمروا بالصدقة على المساكين قالوا : لا والله أيفقره الله ونطعمه نحن : { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } قول الله لهم أو حكاية قول المؤمنين لهم أو هو من جملة جوابهم للمؤمنين . { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } أي وعد البعث والقيامة { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } فيما تقولون خطاب للنبي وأصحابه { مَا يَنظُرُونَ } ينتظرون { إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً } هي النفخة الأولى { تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } حمزة بسكون الخاء وتخفيف الصاد من خصمه إذا غلبه في الخصومة ، وشدد الباقون الصاد أي { يَخِصّمُونَ } بإدغام التاء في الصاد ، لكنه مع فتح الخاء : مكي بنقل حركة التاء المدغمة إليها ، وبسكون الخاء : مدني ، وبكسر الياء والخاء : يحيـى فأتبع الياء الخاء في الكسر ، وبفتح الياء وكسر الخاء : غيرهم . والمعنى تأخذهم وبعضهم يخصم بعضاً في معاملاتهم . { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً } فلا يستطيعون أن يوصوا في شيء من أمورهم توصية { وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } ولا يقدرون على الرجوع إلى منازلهم بل يموتون حيث يسمعون الصيحة { وَنُفِخَ فِىٱلصُّورِ } هي النفخة الثانية والصور القرن أو جمع صورة { فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ } أي القبور { إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } يعدون بكسر السين وضمها { قَالُواْ } أي الكفار { يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا } من أنشرنا { مِن مَّرْقَدِنَا } أي مضجعنا ، وقف لازم عن حفص وعن مجاهد للكفار مضجعة يجدون فيها طعم النوم فإذا صيح بأهل القبور قالوا من بعثنا { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } كلام الملائكة أو المتقين أو الكافرين يتذكرون ما سمعوه من الرسل فيجيبون به أنفسهم أو بعضهم بعضاً ، أو « ما » مصدرية ومعناه هذا وعد الرحمن وصدق المرسلين على تسلمية الموعود والمصدوق فيه بالوعد والصدق ، أو موصولة وتقديره هذا الذي وعده الرحمن والذي صدقه المرسلون أي والذي صدق فيه المرسلون { إِن كَانَتْ } النفخة الأخيرة { إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } للحساب . ثم ذكر ما يقال لهم في ذلك اليوم { فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّ أَصْحَـٰبَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِى شُغُلٍ } بضمتين : كوفي وشامي ، وبضمة وسكون : مكي ونافع وأبو عمرو . والمعنى في شغل في أي شغل وفي شغل لا يوصف ، وهو افتضاض الأبكار على شط الأنهار تحت الأشجار أو ضرب الأوتار أو ضيافة الجبار { فَـٰكِهُونَ } خبر ثان { فَـكِهُونَ } يزيد ، والفاكه والفكه : المتنعم المتلذذ ومنه الفاكهة لأنها مما يتلذذ به وكذا الفكاهة { هُمْ } مبتدأ { وَأَزْوٰجُهُمْ } عطف عليه { فِى ظِلَـٰلٍ } حال جمع ظل وهو الموضع الذي لا تقع عليه الشمس كذئب وذئاب ، أو جمع ظلة كبرمة وبرام دليله قراءة حمزة وعليّ ، { ظُلَلٌ } جمع ظلة وهي ما سترك عن الشمس { عَلَىٰ ٱلأَرَآئِكِ } جمع الأريكة وهي السرير في الحجلة أو الفراش فيها { مُتَّكِئُونَ } خبر أو { فِى ظِلَـٰلٍ } خبر و { عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ } مستأنف { لَهُمْ فِيهَا فَـٰكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ } يفتعلون من الدعاء أي كل ما يدعو به أهل الجنة يأتيهم أو يتمنون من قولهم « ادع علي ما شئت » أي تمنه عليَّ ، عن الفراء هو من الدعوى ولا يدعون ما لا يستحقون .