Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 27-33)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا } من الخلق { بَـٰطِلاً } خلقاً باطلاً لا لحكمة بالغة ، أو مبطلين عابثين كقوله { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ } [ الأنبياء : 16 ] وتقديره ذوي باطل ، أو عبثاً فوضع { بَـٰطِلاً } موضعه أي ما خلقناهما وما بينهما للعبث واللعب ولكن للحق المبين ، وهو أنا خلقنا نفوساً أودعناها العقل ومنحناها التمكين وأزحنا عللها ثم عرضناها للمنافع العظيمة بالتكليف وأعددنا لها عاقبة وجزاءً على حسب أعمالهم . { ذٰلِكَ } إشارة إلى خلقها باطلاً { ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الظن بمعنى المظنون أي خلقها للعبث لا للحكمة هو مظنون الذين كفروا ، وإنما جعلوا ظانين أنه خلقها للعبث لا للحكمة مع إقرارهم بأنه خالق السماوات والأرض وما بينهما لقوله { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } [ لقمان : 25 ] لأنه لما كان إنكارهم للبعث والحساب والثواب والعقاب مؤدياً إلى أن خلقها عبث وباطل جعلوا كأنهم يظنون ذلك ويقولونه ، لأن الجزاء هو الذي سبقت إليه الحكمة في خلق العالم ، فمن جحده فقد جحد الحكمة في خلق العالم { فَوَيْلٌ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِى ٱلأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ } « أم » منقطعة ، ومعنى الاستفهام فيها الإنكار ، والمراد أنه لو بطل الجزاء كما يقول الكفار لاستوت أحوال من أصلح وأفسد واتقى وفجر ، ومن سوّى بينهم كان سفيهاً ولم يكن حكيماً { كِتَابٌ } أي هذا كتاب { أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ } يعني القرآن { مُّبَارَكٌ } صفة أخرى { لِّيَدَّبَّرُواْ ءَايَـٰتِهِ } وأصله ليتدبروا قرىء به ومعناه ليتفكروا فيها فيقفوا على ما فيه ويعملوا به . وعن الحسن : قد قرأ هذا القرآن عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله ، حفظوا حروفه وضيعوا حدوده { لتدَبّروا } على الخطاب بحذف إحدى التاءين : يزيد { وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَـٰبِ } وليتعظ بالقرآن أولو العقول . { وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَـٰنَ نِعْمَ ٱلْعَبْدُ } أي سليمان . وقيل : داود ، وليس بالوجه فالمخصوص بالمدح محذوف { إِنَّهُ أَوَّابٌ } وعلل كونه ممدوحاً بكونه أواباً أي كثير الرجوع إلى الله تعالى { إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ } على سليمان { بِٱلْعَشِىِّ } بعد الظهر { ٱلصَّـٰفِنَـٰتُ } الخيول القائمة على ثلاث قوائم وقد أقامت الأخرى على طرف حافر { ٱلْجِيَادُ } السراع جمع جواد لأنه يجود بالركض ، وصفها بالصفون لأنه لا يكون في الهجان وإنما هو العراب . وقيل : وصفها بالصفون والجودة ليجمع لها بين الوصفين المحمودين واقفة وجارية ، يعني إذا وقفت كانت ساكنة مطمئنة في مواقفها ، وإذا جرت كانت سراعاً خفافاً في جريها . وقيل : الجياد الطوال الأعناق من الجيد . ورُوي أن سليمان عليه السلام غزا أهل دمشق ونصيبين فأصاب ألف فرس . وقيل : ورثها من أبيه وأصابها أبوه من العمالقة . وقيل : خرجت من البحر لها أجنحة فقعد يوماً بعدما صلى الظهر على كرسيه واستعرضها فلم تزل تعرض عليه حتى غربت الشمس وغفل عن العصر وكانت فرضاً عليه ، فاغتم لما فاته فاستردها وعقرها تقرباً لله وبقي مائة ، فما في أيدي الناس من الجياد ، فمن نسلها . وقيل : لما عقرها أبدله الله خيراً منها وهي الريح تجري بأمره . { فَقَالَ إِنِّى أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِىِّ } أي آثرت حب الخيل عن ذكر ربي كذا عن الزجاج . فأحببت بمعنى آثرت كقوله تعالى { فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } [ فصلت : 17 ] و « عن » بمعنى « على » ، وسمى الخيل خيراً كأنها نفس الخير لتعلق الخير بها كما قال عليه السلام " الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة " وقال أبو علي : أحببت بمعنى جلست من إحباب البعير وهو بروكه . حب الخير أي المال مفعول له مضاف إلى المفعول { حَتَّىٰ تَوَارَتْ } الشمس { بِٱلْحِجَابِ } والذي دل على أن الضمير للشمس مررو ذكر العشي ولا بد للضمير من جري ذكر أو دليل ذكر ، أو الضمير للصافنات أي حتى توارت بحجاب الليل يعني الظلام { رُدُّوهَا عَلَىَّ } أي قال للملائكة : ردوا الشمس علي لأصلي العصر فردت الشمس له وصلى العصر ، أو ردوا الصافنات { فَطَفِقَ مَسْحاً بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ } فجعل يمسح مسحاً أي يمسح السيف بسوقها وهي جمع ساق كدار ودور وأعناقها ، يعني يقطعها لأنها منعته عن الصلاة . تقول : مسح عُلاوته إذا ضرب عنقه ، ومسح المسفر الكتاب إذا قطع أطرافه بسيفه . وقيل : إنما فعل ذلك كفارة لها أو شكراً لرد الشمس ، وكانت الخيل مأكولة في شريعته فلم يكن إتلافاً . وقيل : مسحها بيده استحساناً لها وإعجاباً بها .