Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 47-54)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } أي علم قيامها يرد إليه أي يجب على المسؤول أن يقول الله يعلم ذلك { وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرٰتٍ } مدني وشامي وحفص وغيرهم بغير ألف { مِّنْ أَكْمَامِهَا } أوعيتها قبل أن تنشق جمع « كم » { وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ } حملها { وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ } أي ما يحدث شيء من خروج ثمرة ولا حمل حامل ولا وضع واضع إلا وهو عالم به ، يعلم عدد أيام الحمل وساعاته وأحواله من الخداج والتمام والذكورة والأنوثة والحسن والقبح وغير ذلك { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِى } أضافهم إلى نفسه على زعمهم وبيانه في قوله { أَيْنَ شُرَكَائِىَ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ } وفيه تهكم وتقريع { قَالُواْ ءَاذَنَّاكَ } أعلمناك وقيل أخبرناك وهو الأظهر إذ الله تعالى كان عالماً بذلك وإعلام العالم محال ، أما الإخبار للعالم بالشيء فيتحقق بما علم به إلا أن يكون المعنى إنك علمت من قلوبنا الآن إنا لنشهد تلك الشهادة الباطلة ، لأنه إذا علمه من نفوسهم فكأنه أعلموه . { مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } أي ما منا أحد اليوم يشهد بأن لك شريكاً وما منا إلا من هو موحد لك ، أو مامنا من أحد يشاهدهم لأنهم ضلوا عنهم وضلت عنهم آلهتهم لا يبصرونها في ساعة التوبيخ . وقيل : هو كلام الشركاء أي ما منا من شهيد يشهد بما أضافوا إلينا من الشركة { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ } يعبدون { مِن قَبْلُ } في الدنيا { وَظَنُّواْ } وأيقنوا { مَا لَهُمْ مّن مَّحِيصٍ } مهرب . { لاَّ يَسْـئَمُ } لا يمل { ٱلإِنسَـٰنث } الكافر بدليل قوله { وَمَا أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً } { مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ } من طلب السعة في المال والنعمة والتقدير من دعائه الخير فحذف الفاعل وأضيف إلى المفعول { وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ } الفقر { فَيَئُوسٌ } من الخير { قَنُوطٌ } من الرحمة بولغ فيه من طريقين : من طريق بناء فعول ، ومن طريق التكرير . والقنوط أن يظهر عليه أثر اليأس فيتضاءل وينكسر أي يقطع الرجاء من فضل الله وروحه وهذا صفة الكافر بدليل قوله تعالى { إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون } [ يوسف : 87 ] { وَلَئِنْ أَذَقْنَـٰهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِى } وإذا فرجنا عنه بصحة بعد مرض أو سعة بعد ضيق قال هذا لي أي هذا حقي وصل إليّ لأني استوجبته بما عندي من خير وفضل وأعمال بر ، أو هذا لي لا يزول عني { وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً } أي ما أظنها تكون قائمة { وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّى } كما يقول المسلمون { إِنَّ لِى عِندَهُ } عند الله { لَلْحُسْنَىٰ } أي الجنة أو الحالة الحسنى من الكرامة والنعمة قائساً أمر الآخرة على أمر الدنيا { فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ } فلنخبرنهم بحقيقة ما علموا من الأعمال الموجبة للعذاب { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } شديد لا يفتر عنهم . { وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإنْسَـٰنِ أَعْرَضَ } هذا ضرب آخر من طغيان الإنسان إذا أصابه الله بنعمة أبطرته النعمة فنسي المنعم وأعرض عن شكره { وَنَئَا بِجَانِبِهِ } وتباعد عن ذكرالله ودعائه أو ذهب بنفسه وتكبر وتعظم ، وتحقيقه أن يوضع جانبه موضع نفسه لأن مكان الشيء وجهته ينزل منزلة نفسه ومنه قول الكتاب كتبت إلى جهته وإلى جانبه العزيز يريدون نفسه وذاته فكأنه قال : ونأى بنفسه { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ } الضر والفقر { فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ } كثير أي أقبل على دوام الدعاء وأخذ في الابتهال والتضرع . وقد استعير العرض لكثرة الدعاء ودوامه وهو من صفة الأجرام كما استعير الغلظ لشدة العذاب ، ولا منافاة بين قوله { فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ } وبين قوله { فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ } لأن الأول في قوم والثاني في قوم ، أو قنوط في البر وذو دعاء عريض في البحر ، أو قنوط بالقلب ذو دعاء عريض باللسان ، أو قنوط من الصنم ذو دعاء لله تعالى . { قُلْ أَرَءَيْتُمْ } أخبروني { إِن كَانَ } القرآن { مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ } ثم جحدتم أنه من عند الله { مَنْ أَضَلُّ } منكم إلا أنه وضع قوله { مِمَّنْ هُوَ فِى شِقَاقٍ بَعِيدٍ } موضع « منكم » بياناً لحالهم وصفتهم { سَنُرِيهِمْ ءَايَـٰتِنَا فِى ٱلآفَاقِ } من فتح البلاد شرقاً وغرباً { وَفِى أَنفُسِهِمْ } فتح مكة { حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } أي القرآن أو الإسلام { أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ } موضع { بِرَبّكَ } الرفع على أنه فاعل والمفعول محذوف وقوله { أَنَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْءٍ شَهِيدٌ } بدل منه تقديره أولم يكفهم أن ربك على كل شيء شهيد أي أولم تكفهم شهادة ربك على كل شيء ، ومعناه أن هذا الموعود من إظهار آيات الله في الآفاق وفي أنفسهم سيرونه ويشاهدونه فيتبينون عند ذلك أن القرآن تنزيل عالم الغيب الذي هو على كل شيء شهيد . { أَلاَ إِنَّهُمْ فِى مِرْيَةٍ } شك { مِّن لّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ مُّحِيطُ } عالم بجمل الأشياء وتفاصيلها وظواهرها وبواطنها فلا تخفى عليه خافية فيجازيهم على كفرهم ومريتهم في لقاء ربهم .