Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 71-89)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَـٰفٍ } جمع صفحة { مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوٰبٍ } أي من ذهب أيضاً والكوب الكوز لا عروة له { وَفِيهَا } في الجنة { مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ } مدني وشامي وحفص بإثبات الهاء العائدة إلى الموصول ، وحذفها غيرهم لطول الموصول بالفعل والفاعل والمفعول . و { وَتَلَذُّ ٱلأَعْيُنُ } وهذا حصر لأنواع النعم لأنها إما مشتهيات في القلوب أو مستلذة في العيون { وَأَنتُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ وَتِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } { تِلْكَ } إشارة إلى الجنة المذكورة وهي مبتدأ و { ٱلْجَنَّة } خبر و { ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا } صفة الجنة ، أو { ٱلْجَنَّة } صفة للمبتدأ الذي هو اسم الإشارة و { ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا } خبر المبتدأ ، أو { ٱلَّتِى أُورِثْتُمُوهَا } صفة المبتدأ و { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } الخبر ، والباء تتعلق بمحذوف أي حاصلة أو كائنة كما في الظروف التي تقع أخباراً ، وفي الوجه الأول تتعلق بـ { أُورِثْتُمُوهَا } وشبهت في بقائها على أهلها بالميراث الباقي على الورثة { لَكُمْ فِيهَا فَـٰكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ } « من » للتبعيض أي لا تأكلون إلا بعضها وأعقابها باقية في شجرها فهي مزينة بالثمار أبداً ، وفي الحديث « لا ينزع رجل في الجنة من ثمرها إلا نبت مكانها مثلاها » . { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِى عَذَابِ جَهَنَّمَ خَـٰلِدُونَ } خبر بعد خبر { لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ } خبر آخر أي لا يخفف ولا ينقص { وَهُمْ فِيهِ } في العذاب { مُّبْلِسُونَ } آيسون من الفرج متحيرون { وَمَا ظَلَمْنَـٰهُمْ } بالعذاب { وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } هم فصل { وَنَادَوْاْ يٰمَـٰلِكُ } لما آيسوا من فتور العذاب نادروا يا مالك وهو خازن النار . وقيل لابن عباس : إن ابن مسعود قرأ « يا مال » فقال : ما أشغل أهل النار عن الترخيم { لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } ليمتنامن قضى عليه إذا أماته { فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ } [ القصص : 15 ] والمعنى سل ربك أن يقضي علينا { قَالَ إِنَّكُمْ مَّـٰكِثُونَ } لا بثون في العذاب لا تتخلصون عنه بموت ولا فتور { لَقَدْ جِئْنَـٰكُم بِٱلْحَقِّ } كلام الله تعالى . ويجب أن يكون في { قَالَ } ضمير الله لما سألوا مالكاً أن يسأل القضاء عليهم أجابهم الله بذلك . وقيل : هو متصل بكلام مالك والمراد بقوله جئناكم الملائكة إذ هم رسل الله وهو منهم { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَـٰرِهُونَ } لا تقبلونه وتنفرون منه لأن مع الباطل الدعة ومع الحق التعب . { أَمْ أَبْرَمُواْ أَمْراً } أم أحكم مشركو مكة أمراً من كيدهم ومكرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم { فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } كيدنا كما أبرموا كيدهم وكانوا يتنادون فيتناجون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الندوة { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ } حديث أنفسهم { وَنَجْوٰهُم } ما يتحدثون فيما ببينهم ويخفونه عن غيرهم { بَلَىٰ } نسمعها ونطلع عليها { وَرُسُلُنَا } أي الحفظة { لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } عندهم يكتبون ذلك ، وعن يحيـى بن معاذ : من ستر من الناس عيوبه وأبداها لمن لا تخفى عليه خافية فقد جعله أهون الناظرين إليه وهو من أمارات النفاق . { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ } وصح ذلك ببرهان { فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَـٰبِدِينَ } فأنا أول من يعظم ذلك الولد وأسبقكم إلى طاعته والانقياد إليه كما يعظم الرجل ولد الملك لتعظيم أبيه ، وهذا كلام وارد على سبيل الفرض والمراد نفي الولد ، وذلك أنه علق العبادة بكينونة الولد وهي محال في نفسها فكان المعلق بها محالاً مثلها ، ونظيره قول سعيد بن جبير للحجاج حين قال له : والله لأبدلنك بالدنيا ناراً تلظى : لو عرفت أن ذلك إليك ما عبدت إلهاً غيرك . وقيل : إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول العابدين أي الموحدين لله المكذبين قولكم بإضافة الولد إليه . وقيل ؛ إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول الآنفين من أن يكون له ولد ، من عبد يعبد إذا اشتد أنفه فهو عبد وعابد . وقرىء { ٱلعَـبِدين } وقيل : هي « إن » النافية أي ما كان للرحمن ولد فأنا أول من قال بذلك وعبد ووحد . ورُوي أن النضر قال : الملائكة بنات الله فنزلت : فقال النضر : ألا ترون أنه صدقني فقال له الوليد : ما صدقك ولكن قال ما كان للرحمن ولد فأنا أو الموحدين من أهل مكة أن لا ولد له . { وُلْد } حمزة وعلي . ثم نزه ذاته على اتخاذ الولد فقال { سُبْحَـٰنَ رَبِّ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } أي هو رب السماوات والأرض والعرش فلا يكون جسماً إذ لو كان جسماً لم يقدر على خلقها ، وإذا لم يكن جسماً لا يكون له ولد لأن التولد من صفة الأجسام { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ } في باطلهم { وَيَلْعَبُواْ } في دنياهم { حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِى يُوعَدُونَ } أي القيامة ، وهذا دليل على أن ما يقولونه من باب الجهل والخوض واللعب . { وَهُوَ ٱلَّذِى فِى ٱلسَّمآءِ إِلَـٰهٌ وَفِى ٱلأَرْضِ إِلَـٰهٌ } ضمن اسمه تعالى معنى وصف فلذلك علق به الظرف في قوله { فِى ٱلسَّمَاء } { وَفِى ٱلأَرْضِ } كما تقول : هو حاتم في طيّ وحاتم في تغلب . على تضمين معنى الجواد الذي شهر به كأنك قلت : هو جواد في طيّ جواد في تغلب . وقرىء { وهو ٱلذي فى ٱلسماء ٱلله وفى ٱلأرض ٱلله } ومثله قوله { وَهُوَ ٱللَّهُ فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَفِى ٱلأَرْضِ } فكأنه ضمن معنى المعبود . والراجع إلى الموصول محذوف لطول الكلام كقولهم « ما أنا بالذي قائل لك شيئاً » والتقدير : وهو الذي هو في السماء إله . و { إِلَـه } يرتفع على أنه خبر مبتدأ مضمر ولا يرتفع { إِلَـه } بالابتداء وخبره { فِى ٱلسَّمَاء } لخلو الصلة حينئذ من عائد يعود إلى الموصول { وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ } في أقواله وأفعاله { ٱلْعَلِيمُ } بما كان ويكون { وَتَبَارَكَ ٱلَّذِى لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } أي علم قيامها { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } { يَرْجِعُونَ } : مكي وحمزة وعلي { وَلاَ يَمْلِكُ } آلهتهم { ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } أي يدعونهم { مِن دُونِهِ } من دون الله { ٱلشَّفَـٰعَةَ } كما زعموا أنهم شفعاؤهم عند الله { إِلاَّ مَن شَهِدَ بِٱلْحَقِّ } أي ولكن من شهد بالحق بكلمة التوحيد { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أن الله ربهم حقاً ويعتقدون ذلك هو الذي يملك الشفاعة ، وهو استثناء منقطع أو متصل لأن في جملة الذين يدعون من دون الله الملائكة { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } أي المشركين { مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } لا الأصنام والملائكة { فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } فكيف أو من أين يصرفون عن التوحيد مع هذا الإقرار { وَقِيلِهِ } بالجر : عاصم وحمزة أي وعنده علم الساعة وعلم قيله { يٰرَبِّ } والهاء يعود إلى محمد صلى الله عليه وسلم لتقدم ذكره في قوله : { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَـٰبِدِينَ } . وبالنصب : الباقون عطفاً على محل { ٱلسَّاعَة } أي يعلم الساعة ويعلم قيله أي قيل محمد يا رب . والقيل والقول والمقال واحد ، ويجوز أن يكون الجر والنصب على إضمار حرف القسم وحذفه . وجواب القسم { إِنَّ هَـؤُلآءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ } كأنه قيل : وأقسم بقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ، وإقسام الله بقيله رفع منه وتعظيم لدعائه والتجائه إليه { فَٱصْفَحْ عَنْهُمْ } فأعرض عن دعوتهم يائساً عن إيمانهم وودعهم وتاركهم و { وَقُلْ } لهم { سَلَـٰمٌ } أي تسلم منكم ومتاركة { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } وعيد من الله لهم وتسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم . وبالتاء : مدني وشامي .