Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 20-26)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَـٰقَوْمِ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاء } لأنه لم يبعث في أمة ما بعث في بني إسرائيل من الأنبياء { وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً } لأنه ملكهم بعد فرعون ملكه وبعد الجبابرة ملكهم ، ولأن الملوك تكاثروا فيهم تكاثر الأنبياء . وقيل : الملك من له مسكن واسع فيه ماء جار وكانت منازلهم واسعة فيها مياه جارية . وقيل : من له بيت وخدم ، أو لأنهم كانوا مملوكين في أيدي القبط فأنقذهم الله فسمي إنقاذهم ملكاً { وَءاتَـٰكُمْ مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مّن ٱلْعَـٰلَمِينَ } من فلق البحر وإغراق العدو وإنزال المن والسلوى وتظليل الغمام ونحو ذلك من الأمور العظام أو أراد عالمي زمانهم { يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ } أي المطهرة أو المباركة وهي أرض بيت المقدس أو الشام { الَّتِى كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } قسمها لكم أو سماها أو كتب في اللوح المحفوظ أنها مساكن لكم { وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَـٰرِكُمْ } ولا ترجعوا على أعقابكم مدبرين منهزمين من خوف الجبابرة جبناً أو لا ترتدوا على أدباركم في دينكم { فَتَنقَلِبُواْ خَـٰسِرِينَ } فترجعوا خاسرين ثواب الدنيا والآخرة . { قَالُوا يَامُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ } الجبار فعال من جبره على الأمر بمعنى أجبره عليه وهو العاتي الذي يجبر الناس على ما يريد { وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا } بالقتال { حَتَّىٰ يَخْرُجُواْ مِنْهَا } بغير قتال { فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا } بلا قتال { فَإِنَّا دٰخِلُونَ } بلادهم حينئذ { قَالَ رَجُلاَنِ } كالب ويوشع { من الّذين يخافونَ } الله ويخشونه كأنه قيل رجلان من المتقين وهو في محل الرفع صفة لـ « رجلان » وكذا { أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا } بالخوف منه { ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ } أي باب المدينة { فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَـٰلِبُونَ } أي انهزموا وكانت الغلبة لكم ، وإنما علما ذلك بإخبار موسى عليه السلام { وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } إذ الإيمان به يقتضي التوكل عليه وهو قطع العلائق وترك التملق للخلائق { قَالُواْ يَـٰمُوسَى إِنَّا لَنْ نَّدْخُلَهَا } هذا نفي لدخولهم في المستقبل على وجه التوكيد { أَبَدًا } تعليق للنفي المؤكد بالدهر المتطاول { مَّا دَامُواْ فِيهَا } بيان للأبد { فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ } من العلماء من حمله على الظاهر . وقال : إنه كفر منهم وليس كذلك إذ لو قالوا ذلك اعتقاداً وكفروا به لحاربهم موسى ولم تكن مقاتلة الجبارين أولى من مقاتلة هؤلاء ، ولكن الوجه فيه أن يقال : فاذهب أنت وربك يعينك على قتالك ، أو وربك أي وسيدك وهو أخوك الأكبر هارون ، أو لم يرد به حقيقة الذهاب ولكن كما تقول « كلمته فذهب يجيبني » تريد معنى الإرادة كأنهم قالوا أريدا قتالهم : { فَقَاتِلا إِنَّا هَـٰهُنَا قَـٰعِدُونَ } ماكثون لا نقاتلهم لنصرة دينكم فلما عصوه وخالفوه { قَالَ رَبّ إِنّى لا أَمْلِكُ } لنصرة دينك { إِلاَّ نَفْسِى وَأَخِى } وهو منصوب بالعطف على « نفسي » أو على اسم « إن » أي إني لا أملك إلا نفسي وإن أخي لا يملك إلا نفسه ، أو مرفوع بالعطف على محل « إن » واسمها ، أو على الضمير في « لا أملك » وجاز للفصل أي ولا يملك أخي إلا نفسه ، أو هو مبتدأ والخبر محذوف أي وأخي كذلك ، وهذا من البث والشكوى إلى الله ورقة القلب التي بمثلها تستجلب الرحمة وتستنزل النصرة وكأنه لم يثق بالرجلين المذكورين كل الوثوق فلم يذكر إلا النبي المعصوم ، أو أراد ومن يؤاخيني على ديني { فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَـٰسِقِينَ } فافصل بيننا وبينهم بأن تحكم لنا بما وعدتنا وتحكم عليهم بما هم أهله وهو في معنى الدعاء عليهم ، أو فباعد بيننا وبينهم وخلصنا من صحبتهم كقوله : { وَنَجّنِى مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } [ التحريم : 11 ] . { قَالَ فَإِنَّهَا } أي الأرض المقدسة { مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ } لا يدخلونها وهو تحريم منع لا تحريم تعبد كقوله { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ } [ القصص : 12 ] . والمراد بقوله « كتب الله لكم » أي بشرط أن تجاهدوا أهلها فلما أبوا الجهاد قيل : فإنها محرمة عليهم ، أو المراد فإنها محرمة عليهم : { أَرْبَعِينَ سَنَةً } فإذا مضى الأربعون كان ما كتب فقد سار موسى عليه السلام بمن بقي من بني إسرائيل وكان يوشع على مقدمته ففتحها وأقام فيها ما شاء الله ثم قبض . و « أربعين » ظرف التحريم والوقف على سنة أو ظرف { يَتِيهُونَ فِى ٱلأَرْضِ } أي يسيرون فيها متحيرين لا يهتدون طريقاً أربعين سنة والوقف على « عليهم » . وإنما عوقبوا بالحبس لاختيارهم المكث فكانوا مع شدة سيرهم يصبحون حيث أمسوا ويمسون حيث أصبحوا في ستة فراسخ . ولما ندم على الدعاء عليهم قيل له : { فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَـٰسِقِينَ } فلا تحزن عليهم لأنهم فاسقون . قيل : لم يكن موسى وهارون معهم في التيه لأنه كان عقاباً وقد سأل موسى ربه أنه يفرق بينهما وبينهم . وقيل : كانا معهم إلا أنه كان ذلك روحاً لهما وسلاماً لا عقوبة . ومات هارون في التيه ، وموسى فيه بعده بسنة ، ومات النقباء في التيه إلا كالب ويوشع . ثم أمر الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقص على حاسديه ما جرى بسبب الحسد ليتركوه ويؤمنوا بقوله :