Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 197-206)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ } من دون الله { لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ } يشبهون الناظرين إليك لأنهم صوروا أصنامهم بصورة من قلب حدقته إلى الشيء ينظر إليه { وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } المرئي . { خُذِ ٱلْعَفْوَ } هو ضد الجهد أي ما عفا لك من أخلاق الناس وأفعالهم ولا تطلب منهم الجهد وما يشق عليهم حتى لا ينفروا كقوله عليه السلام " يسروا ولا تعسروا " { وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ } بالمعروف والجميل من الأفعال ، أو هو كل خصلة يرتضيها العقل ويقبلها الشرع { وَأَعْرِض عَنِ ٱلْجَـٰهِلِينَ } ولا تكافيء السفهاء بمثل سفههم ولا تمارهم واحلم عليهم ، وفسرها جبريل عليه السلام بقوله : صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك . وعن الصادق أمر الله نبيه عليه السلام بمكارم الأخلاق ، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها { وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ نَزْغٌ } وإما ينخسنك منه نخس أي بأن يحملك بوسوسته على خلاف ما أمرت به { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } ولا تطعه . والنزغ : والنخس كأنه ينخس الناس حين يغريهم على المعاصي . وجعل النزع نازغاً كما قيل جد جده ، أو أريد بنزغ الشيطان اعتراء الغضب كقول أبي بكر رضي الله عنه : إن لي شيطاناً يعتريني { إنّه سميعٌ } لنزغه { عَلِيمٌ } بدفعه { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ إِذَا مَسَّهُمْ طَـئِفٌ مّنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ } { طيف } مكي وبصري وعليّ أي لمة منه مصدر من قولهم « طاف به الخيال يطيف طيفاً » . وعن أبي عمرو : هما واحد وهي الوسوسة . وهذا تأكيد لما تقدم من وجوب الاستعاذة بالله عند نزغ الشيطان ، وأن عادة المتقين إذا أصابهم أدنى نزغ من الشيطان وإلمام بوسوسته { تَذَكَّرُواْ } ما أمر الله به ونهى عنه { فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } فأبصروا السداد ودفعوا وسوسته . وحقيقته أن يفروا منه إلى الله فيزدادوا بصيرة من الله بالله { وَإِخْوٰنِهِمْ } وأما إخوان الشياطين من شياطين الإنس فإن الشياطين { يَمُدُّونَهُمْ فِى ٱلْغَىِّ } أي يكونون مدداً لهم فيه ويعضدونهم { يَمُدُّونَهُمْ } من الإمداد : مدني { ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ } ثم لا يمسكون عن إغوائهم حتى يصروا ولا يرجعوا ، وجاز أن يراد بالإخوان الشياطين ويرجع الضمير المتعلق به إلى الجاهلين والأول أوجه ، لأن إخوانهم في مقابلة الذين اتقوا . وإنما جمع الضمير في { إِخْوٰنَهُمْ } والشيطان مفرد لأن المراد به الجنس . { وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِـئَايَةٍ } مقترحة { قَالُواْ لَوْلاَ ٱجْتَبَيْتَهَا } هلا اخترتها أي اختلقتها كما اختلقت ما قبلها { قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَىَّ مِن رَّبّى } ولست بمقترح لها { هَـٰذَا بَصَائِرُ مِن رَّبّكُمْ } هذا القرآن دلائل تبصركم وجوه الحق { وَهُدًى وَرَحْمَةً لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } به . { وَإِذَا قُرِىء ٱلْقُرْءانُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } ظاهره وجوب الاستماع والإنصات وقت قراءة القرآن في الصلاة وغيرها . وقيل : معناه إذا تلا عليكم الرسول القرآن عند نزوله فاستمعوا له . وجمهور الصحابة رضي الله عنهم على أنه في استماع المؤتم . وقيل : في استماع الخطبة . وقيل : فيهما وهو الأصح { وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ } هو عام في الأذكار من قراءة القرآن والدعاء والتسبيح والتهليل وغير ذلك { تَضَرُّعًا وَخِيفَةً } متضرعاً وخائفاً { وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ } ومتكلماً كلاماً دون الجهر لأن الإخفاء أدخل في الإخلاص وأقرب إلى حسن التفكر { بِٱلْغُدُوّ وَٱلأَصَالِ } لفضل هذين الوقتين . وقيل : المراد إدامة الذكر باستقامة الفكر . ومعنى بالغدو بأوقات الغدو وهي الغدوات ، والآصال جمع أصل والأصل جمع أصيل وهو العشي { وَلاَ تَكُنْ مّنَ ٱلْغَـٰفِلِينَ } من الذين يغفلون عن ذكر الله ويلهون عنه { إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبّكَ } مكانة ومنزلة لا مكاناً ومنزلاً يعني الملائكة { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } لا يتعظمون عنها { وَيُسَبّحُونَهُ } وينزهونه عما لا يليق به { وَلَهُ يَسْجُدُونَ } ويختصونه بالعبادة لا يشركون به غيره ، والله أعلم .