Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 80, Ayat: 1-42)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ عَبَسَ } كلح أي النبي صلى الله عليه وسلم { وَتَوَلَّى } أعرض { أن جَاءَهُ } لأن جاءه ومحله نصب لأنه مفعول له ، والعامل فيه { عبس } أو تولى على اختلاف المذهبين { الأعمى } عبد الله بن أم مكتوم ، وأم مكتوم أم أبيه ، وأبوه شريح بن مالك ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو أشراف قريش إلى الإسلام فقال : يا رسول الله علمني مما علمك الله وكرر ذلك وهو لا يعلم تشاغله بالقوم ، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعه لكلامه وعبس وأعرض عنه فنزلت فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرمه بعدها ويقول : " مرحباً بمن عاتبني فيه ربي " واستخلفه على المدينة مرتين { وما يدريك } وأي شيء يجعلك دارياً بحال هذا الأعمى { لعلّه يَزَّكَّىٰ } لعل الأعمى يتطهر بما يسمع منك من دنس الجهل . وأصله يتزكى فأدغمت التاء في الزاي ، وكذا { أو يَذَّكَّرُ } يتعظ { فَتَنفَعَهُ } نصبه عاصم غير الأعشى جواباً لـ « لعل » وغيره رفعه عطفاً على { يذكر } { الذِّكرىٰ } ذكراك أي موعظتك أي أنك لا تدري ما هو مترقب منه من ترك ، أو تذكر ولو دريت لما فرط ذلك منك . { أمّا مَنِ استغنى } أي من كان غنياً بالمال { فأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ } تتعرض بالإقبال عليه حرصاً على إيمانه { تصدى } بإدغام التاء في الصاد : حجازي { وما عليك ألاّ يزّكّى } وليس عليك بأس في أن لا يتزكى بالإسلام إن عليك إلا البلاغ { وأمّا من جاءَكَ يسعى } يسرع في طلب الخير { وهو يخشى } الله أو الكفار أي أذاهم في إتيانك أو الكبوة كعادة العميان { فأنت عنه تلهّى } تتشاغل وأصله تتلهى . ورُوي أنه ما عبس بعدها في وجه فقير قط ولا تصدى لغني . ورُوي أن الفقراء في مجلس الشورى كانوا أمراء . { كَلاَّ } ردع أي لا تعد إلى مثله { إنَّها } إن السورة أو الآيات { تذكرةٌ } موعظة يجب الاتعاظ بها والعمل بموجبها { فمن شاء ذكره } فمن شاء أن يذكره ذكره . أو ذكر الضمير لأن التذكرة في معنى الذكر والوعظ ، والمعنى فمن شاء الذكر ألهمه الله تعالى إياه { في صُحُفٍ } صفة لـ { تذكرة } أي أنها مثبتة في صحف منتسخة من اللوح ، أو خبر مبتدأ محذوف أي هي في صحف { مُّكَرَّمَةٍ } عند الله { مَّرْفُوعَةٍ } في السماء أو مرفوعة القدر والمنزلة { مُّطَهَّرَةٍ } عن مس غير الملائكة أو عما ليس من كلام الله تعالى { بأيدي سفرةٍ } كتبة جمع سافر أي الملائكة ينتسخون الكتب من اللوح { كِرَامٍ } على الله أو عن المعاصي { بررةٍ } أتقياء جمع بار . { قتل الإنسَانُ } لعل الكافر أو هو أمية أو عتبة { ما أكْفَرَهُ } استفهام توبيخ أي أي شيء حمله على الكفر ، أو هو تعجب أي ما أشد كفره { مِنْ أيِّ شيءٍ خَلَقَهُ } من أي حقير خلقه ! وهو استفهام ومعناه التقرير . ثم بين ذلك الشيء فقال { مِن نُّطفةٍ خلقه فَقَدَّرَهُ } على ما يشاء من خلقه . { ثمّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ } نصب السبيل بإضمار يسر أي ثم سهل له سبيل الخروج من بطن أمه أو بين له سبيل الخير والشر { ثمّ أمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ } جعله ذا قبر يواري فيه لا كالبهائم كرامة له قبر الميت دفنه وأقبره الميت أمره بأن يقبره ومكنه منه { ثمّ إذا شاء أنشره } أحياه بعد موته { كَلاَّ } ردع للإنسان عن الكفر { لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ } لم يفعل هذا الكافر ما أمره الله به من الإيمان . ولما عدد النعم في نفسه من ابتداء حدوثه إلى آن انتهائه أتبعه ذكر النعم فيما يحتاج إليه فقال { فلينظر الإنسان إلى طعامه } الذي يأكله ويحيا به كيف دبرنا أمره { أَنَّا } بالفتح : كوفي على أنه بدل اشتمال من الطعام ، وبالكسر على الاستئناف : غيرهم { صَبَبْنَا الماءَ صبًّا } يعني المطر من السحاب { ثمّ شققنا الأرض شقًّا } بالنبات { فأنبتنا فيها حبًّا } كالبر والشعير وغيرهما مما يتغذى به { وعنباً } ثمرة الكرم أي الطعام والفاكهة { وَقَضْباً } رطبة سمي بمصدر قضبه أي قطعه لأنه يقضب مرة بعد مرة { وزيتوناً وَنَخْلاً وحدائِقَ } بساتين { غُلْباً } غلاظ الأشجار جمع غلباء { وفاكهةً } لكم { وأبًّا } مرعى لدوابكم { مَّتَاعاً } مصدر أي منفعة { لّكم ولأنعامكم فإذا جاءت الصَّاخَّةُ } صيحة القيامة لأنها تصخ الآذان أي تصمها وجوابه محذوف لظهوره { يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وأُمِّهِ وأَبِيهِ } لتبعات بينه وبينهم أو لاشتغاله بنفسه { وصاحِبَتِهِ } وزوجته { وَبَنِيهِ } بدأ بالأخ ثم بالأبوين لأنهما أقرب منه ثم بالصاحبة والبنين لأنهم أحب . قيل : أول من يفر من أخيه هابيل ، ومن أبويه إبراهيم ، ومن صاحبته نوح ولوط ، ومن ابنه نوح { لِكُلِّ امْرِىءٍ مِّنهُمْ يَوْمَئذٍ شَأْنٌ } في نفسه { يُغنِيهِ } يكفيه في الاهتمام به ويشغله عن غيره . { وجوهٌ يومئذٍ مُّسْفِرَةٌ } مضيئة من قيام الليل أو من آثار الوضوء { ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ } أي أصحاب هذه الوجوه وهم المؤمنون ضاحكون مسرورون { ووجوهٌ يومئذٍ عليها غبرةٌ } غبار { تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } يعلو الغبرة سواد كالدخان ولا ترى أوحش من اجتماع الغبرة والسواد في الوجه { أُولَٰئِك } أهل هذه الحالة { هُمُ الْكَفَرَةُ } في حقوق الله { الفَجَرَةُ } في حقوق العباد ، ولما جمعوا الفجور إلى الكفر جمع إلى سواد وجوههم الغبرة ، والله أعلم .