Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 82, Ayat: 1-19)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مكية وهي تسع عشرة آية بسم الله الرحمٰن الرحيم { إِذَا ٱلسَّمَاءُ ٱنفَطَرَتْ } انشقت { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } تساقطت { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } فتح بعضها إلى بعض وصارت البحار بحراً واحداً { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } بحثت وأخرج موتاها وجواب « إذا » { عَلِمَتْ نَفْسٌ } أي كل نفس برة وفاجرة { مَّا قَدَّمَتْ } ما عملت من طاعة { وَأَخَّرَتْ } وتركت فلم تعمل أو ما قدمت من الصدقات وما أخرت من الميراث { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَـٰنُ } قيل : الخطاب لمنكري البعث { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ * ٱلَّذِى خَلَقَكَ } أي شيء خدعك حتى ضيعت ما وجب عليك مع كرم ربك حيث أنعم عليك بالخلق والتسوية والتعديل ؟ وعنه عليه السلام حين تلاها غره جهله . وعن عمر رضي الله عنه : غره حمقه . وعن الحسن : غره شيطانه . وعن الفضيل : لو خوطبت أقول غرتني ستورك المرخاة . وعن يحيـى بن معاذ أقول : غرني برك بي سالفاً وآنفاً { فَسَوَّاكَ } فجعلك مستوي الخلق سالم الأعضاء { فَعَدَلَكَ } فصيّرك معتدلاً متناسب الخلق من غير تفاوت فيه فلم يجعل إحدى اليدين أطول ، ولا إحدى العينين أوسع ، ولا بعض الأعضاء أبيض وبعضها أسود ، أو جعلك معتدل الخلق تمشي قائماً لا كالبهائم . وبالتخفيف : كوفي وهو بمعنى المشدد أي عدّل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت فكنت معتدل الخلقة متناسباً { فِى أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ } « ما » مزيد للتوكيد أي ركبك في أي صورة اقتضتها مشيئته من الصور المختلفة في الحسن والقبح والطول والقصر ، ولم تعطف هذه الجملة كما عطف ما قبلها لأنها بيان لـ { عدلك } والجار يتعلق بـ { رَكَّبَكَ } على معنى وضعك في بعض الصور ومكنك فيها ، أو بمحذوف أي ركبك حاصلاً في بعض الصور . { كَلاَّ } ردع عن الغفلة عن الله تعالى { بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ } أصلاً وهو الجزاء أو دين الإسلام فلا تصدقون ثواباً ولا عقاباً { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَـٰفِظِينَ } أعمالكم وأقوالكم من الملائكة { كِرَاماً كَـٰتِبِينَ } يعني أنكم تكذبون بالجزاء والكاتبون يكتبون عليكم أعمالكم لتجازوا بها { يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } لا يخفى عليهم شيء من أعمالكم . وفي تعظيم الكتبة بالثناء عليهم تعظيم لأمر الجزاء وأنه عند الله من جلائل الأمور ، وفيه إنذار وتهويل للمجرمين ولطف للمتقين . وعن الفضيل أنه كان إذا قرأها قال : ما أشدها من آية على الغافلين ! { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ } إن المؤمنين لفي نعيم الجنة { وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِى جَحِيمٍ } وإن الكفار لفي النار { يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّينِ } يدخلونها يوم الجزاء . { وَمَا هُمَ عَنْهَا بِغَائِبِينَ } أي لا يخرجون منها كقوله تعالى : { وَمَا هُم بِخَـٰرِجِينَ مِنْهَا } [ المائدة : 37 ] [ البقرة : 167 ] . ثم عظم شأن يوم القيامة فقال { وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدّينِ } فكرر للتأكيد والتهويل وبينه بقوله { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً } أي لا تستطيع دفعاً عنها ولا نفعاً لها بوجه وإنما تملك الشفاعة بالإذن . { يَوْم } بالرفع : مكي وبصري أي هو يوم ، أو بدل من { يَوْم ٱلدّينِ } ومن نصب فبإضمار « اذكر » أو بإضمار يدانون لأن الدين يدل عليه { وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } أي لا أمر إلا لله تعالى وحده فهو القاضي فيه دون غيره .