Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 84, Ayat: 6-25)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَـٰنُ } خطاب للجنس { إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً } جاهد إلى لقاء ربك وهو الموت وما بعده من الحال الممثلة باللقاء { فَمُلَـٰقِيهِ } الضمير للكدح وهو جهد النفس في العمل والكد فيه حتى يؤثر فيها ، والمراد جزاء الكدح إن خيراً فخير وإن شراً فشر . وقيل : لقاء الكدح لقاء كتاب فيه ذلك الكدح يدل عليه قوله { فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ } أي كتاب عمله { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } سهلاً هيناً وهو أن يجازي على الحسنات ويتجاوز عن السيئات . وفي الحديث " من يحاسب يعذب " فقيل : فأين قوله { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } ؟ قال : " ذلكم العرض من نوقش في الحساب عذب " { وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ } إلى عشيرته إن كانوا مؤمنين ، أو إلى فريق المؤمنين ، أو إلى أهله في الجنة من الحور العين { مَسْرُوراً } فرحاً { وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ } قيل : تغل يمناه إلى عنقه وتجعل شماله وراء ظهره فيؤتى كتابه بشماله من وراء ظهره { فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً } يقول : يا ثبوراه والثبور الهلاك { وَيَصْلَىٰ } عراقي غير علي { سَعِيراً } أي ويدخل جهنم { إِنَّهُ كَانَ } في الدنيا { فِى أَهْلِهِ } معهم { مَسْرُوراً } بالكفر يضحك ممن آمن بالبعث . قيل : كان لنفسه متابعاً وفي مراتع هواه راتعاً . { إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ } لن يرجع إلى ربه تكذيباً بالبعث . قال ابن عباس رضي الله عنهما : ما عرفت تفسيره حتى سمعت أعرابية تقول لبنتها : حوري أي ارجعي { بَلَىٰ } إيجاب لما بعد النفي في { لَّن يَحُورَ } أي بلى ليحورن { إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ } وبأعماله { بَصِيراً } لا يخفى عليه فلا بد أن يرجعه ويجازيه عليها . { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ } فأقسم بالبياض بعد الحمرة أو الحمرة { وَٱلَّيْلِ وَمَا وَسَقَ } جمع وضم والمراد ما جمعه من الظلمة والنجم ، أو من عمل فيه من التهجد وغيره { وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ } اجتمع وتم بدراً افتعل من الوسق { لَتَرْكَبُنَّ } أيها الإنسان على إرادة الجنس { طَبَقاً عَن طَبقٍ } حالاً بعد حال ، كل واحدة مطابقة لأختها في الشدة والهول . والطبق ما طابق غيره يقال : ما هذا بطبق لذا أي لا يطابقه ، ومنه قيل للغطاء الطبق ، ويجوز أن يكون جمع طبقة وهي المرتبة من قولهم : هو على طبقات ، أي لتركبن أحوالاً بعد أحوال هي طبقات في الشدة بعضها أرفع من بعض وهي الموت وما بعده من مواطن القيامة وأهوالها . ومحل { عَن طَبقٍ } نصب على أنه صفة لـ { طَبَقاً } أي طبقاً مجاوزاً لطبق ، أو حال من الضمير في { لَتَرْكَبُنَّ } أي لتركبن طبقاً مجاوزين لطبق . وقال مكحول : في كل عشرين عاماً تجدون أمراً لم تكونوا عليه . وبفتح الباء : مكي وعلي وحمزة . والخطاب له عليه السلام أي طبقاً من طباق السماء بعد طبق أي في المعراج . { فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } فما لهم في أن لا يؤمنوا { وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْءَانُ لاَ يَسْجُدُونَ } لا يخضعون { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ } بالبعث والقرآن { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ } بما يجمعون في صدورهم ويضمرون من الكفر وتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم ، أو بما يجمعون في صحفهم من أعمال السوء ويدخرون لأنفسهم من أنواع العذاب { فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أخبرهم خبراً يظهر أثره على بشرتهم { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } استثناء منقطع { لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } غير مقطوع أو غير منقوص ، والله أعلم .