Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 87, Ayat: 1-19)

Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مكية وهي تسع عشرة آية بسم الله الرحمٰن الرحيم { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبّكَ ٱلأَعْلَىٰ } نزه ذاته عما لا يليق به ، والاسم صلة وذلك بأن يفسر الأعلى بمعنى العلو الذي هو القهر والاقتدار لا بمعنى العلو في المكان . وقيل : قل سبحان ربي الأعلى . وفي الحديث لما نزلت قال عليه السلام : " اجعلوها في سجودكم " { ٱلَّذِى خَلَقَ فَسَوَّىٰ } أي خلق كل شيء فسوى خلقه تسوية ولم يأت به متفاوتاً غير ملتئم ولكن على إحكام واتساق ، دلالة على أنه صادر عن عالم حكيم ، أو سوَّاه على ما فيه منفعة ومصلحة { وَٱلَّذِى قَدَّرَ فَهَدَىٰ } أي قدر لكل حيوان ما يصلحه فهداه إليه وعرفه وجه الانتفاع به ، أو فهدى وأضل ولكن حذف وأضل اكتفاء كقوله : { يُضِلُّ مَن يَشَآء وَيَهْدِى مَن يَشَآء } [ النحل : 93 ] [ فاطر : 8 ] . { قُدِرَ } عليّ { وَٱلَّذِى أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } أنبت ما ترعاه الدواب { فَجَعَلَهُ غُثَاءً } يابساً هشيماً { أَحْوَىٰ } أسود { فأحوى } صفة الغثاء { أَحْوَىٰ سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } سنعلمك القرآن حتى تنساه { إِلاَّ مَا شَاء ٱللَّهُ } أن ينسخه وهذا بشارة من الله لنبيه أن يحفظ عليه الوحي حتى لا ينفلت منه شيء إلا ما شاء الله أن ينسخه فيذهب به عن حفظه برفع حكمه وتلاوته . وسأل ابن كيسان النحوي جنيداً عنه فقال : فلا ننسى العمل به فقال : مثلك يصدر . وقيل : قوله { فَلاَ تَنسَىٰ } على النهي والألف مزيدة للفاصلة كقوله : { ٱلسَّبِيلاْ } [ الأحزاب : 67 ] أي فلا تغفل قراءته وتكريره فتنساه إلا ما شاء الله أن ينسيكه برفع تلاوته { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ } أي إنك تجهر بالقراءة مع قراءة جبريل مخافة التفلت والله يعلم جهرك معه وما في نفسك مما يدعوك إلى الجهر ، أو ما تقرأ في نفسك مخافة النسيان ، أو يعلم ما أسررتم وما أعلنتم من أقوالكم وأفعالكم وما ظهر وما بطن من أحوالكم . { وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } معطوف على { سَنُقْرِئُكَ } وقوله { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ } اعتراض ومعناه ونوفقك للطريقة التي هي أيسر وأسهل يعني حفظ الوحي . وقيل : للشريعة السمحة التي هي أيسر الشرائع أو نوفقك لعمل الجنة { فَذَكِّرْ } عظ بالقرآن { إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ } جواب « إن » مدلول قوله { فَذَكِّرْ } قيل : ظاهره شرط ومعناه استبعاد لتأثير الذكرى فيهم . وقيل : هو أمر بالتذكير على الإطلاق كقوله : { فَذَكّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكّرٌ } [ الغاشية : 21 ] . غير مشروط بالنفع { سَيَذَّكَّرُ } سيتعظ ويقبل التذكرة { مَن يَخْشَىٰ } الله وسوء العاقبة { وَيَتَجَنَّبُهَا } ويتباعد عن الذكرى فلا يقبلها { ٱلأَشْقَى } الكافر أو الذي هو أشقى الكفرة لتوغله في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قيل : نزلت في الوليد بن المغيرة وعتبة بن ربيعة { ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ } يدخل نار جهنم والصغرى نار الدنيا { ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا } فيستريح من العذاب { وَلاَ يَحْيَىٰ } حياة يتلذذ بها . وقيل : « ثم » لأن الترجح بين الحياة والموت أفظع من الصلي فهو متراخٍ عنه في مراتب الشدة . { قَدْ أَفْلَحَ } نال الفوز { مَن تَزَكَّىٰ } تطهر من الشرك أو تطهر للصلاة أو أدى الزكاة تفعل من الزكاة كتصدق من الصدقة { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ } وكبر للافتتاح { فَصَلَّىٰ } الخمس وبه يحتج على وجوب تكبيرة الافتتاح ، وعلى أنها ليست من الصلاة ، لأن الصلاة عطفت عليها وهو يقتضي المغايرة ، وعلى أن الافتتاح جائز بكل اسم من أسمائه عز وجل . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : ذكر معاده وموقفه بين يدي ربه وصلى له . وعن الضحاك : وذكر اسم ربه في طريق المصلى فصلى صلاة العيد { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } على الآخرة فلا تفعلون ما به تفلحون . والمخاطب به الكافرون دليله قراءة أبي عمرو { يؤثرون } بالياء { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } أفضل من نفسها وأدوم { إِنَّ هَـٰذَا لَفِى ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } هذا إشارة إلى قوله { قَدْ أَفْلَحَ } إلى { أَبْقَىٰ } أي أن معنى هذا الكلام وارد في تلك الصحف أو إلى ما في السورة كلها ، وهو دليل على جواز قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة لأنه جعله مذكوراً في تلك الصحف مع أنه لم يكن فيها بهذا النظم وبهذه اللغة { صُحُفِ إِبْرٰهِيمَ وَمُوسَىٰ } بدل من { ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } وفي الأثر وفي صحف إبراهيم : ينبغي للعاقل أن يكون حافظاً للسانه عارفاً بزمانه مقبلاً على شأنه .