Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 94, Ayat: 1-8)
Tafsir: Madārik at-tanzīl wa-ḥaqāʾiq at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
مكية وهي ثمان آيات بسم الله الرحمٰ ن الرحيم { ألم نشرح لك صدرك } استفهم عن انتفاء الشرح على وجه الإنكار فأفاد إثبات الشرح فكأنه قيل : شرحنا لك صدرك ، ولذا عطف عليه { وضعنا } اعتباراً للمعنى أي فسحناه بما أودعناه من العلوم والحكم حتى وسع هموم النبوة ودعوة الثقلين ، وأزلنا عنه الضيق والحرج الذي يكون مع العمى والجهل ، وعن الحسن : مليء حكمة وعلماً { صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } وخففنا عنك أعباء النبوة والقيام بأمرها ، وقيل : هو زلة لا تعرف بعينها وهي ترك الأفضل مع إتيان الفاضل ، والأنبياء يعاتبون بمثلها ووضعه عنه أن غفر له ، والوزر : الحمل الثقيل { ٱلَّذِى أَنقَضَ ظَهْرَكَ } أثقله حتى سمع نقيضه وهو صوت الانتقاض { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } ورفع ذكره أن قرن ذكر الله في كلمة الشهادة والأذان والإقامة والخطب والتشهد وفي غير موضع من القرآن : { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ } [ محمد : 33 ] [ التغابن : 12 ] . { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } [ النساء : 13 ] . { وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } [ التوبة : 62 ] . وفي تسميته رسول الله ونبي الله ومنه ذكره في كتب الأولين . وفائدة لك ما عرف في طريقة الإبهام والإيضاح لأنه يفهم بقوله : { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ } أن ثم مشروحاً ، ثم أوضح بقوله { صَدْرَكَ } ما علم مبهماً وكذلك { لَكَ ذِكْرَكَ } ، و { عَنكَ وِزْرَكَ } . { فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } أي إن مع الشدة التي أنت فيها من مقاساة بلاء المشركين يسراً بإظهاري إياك عليهم حتى تغلبهم . وقيل : كان المشركون يعيرون رسول الله والمؤمنين بالفقر حتى سبق إلى وهمه أنهم رغبوا عن الإسلام لافتقار أهله ، فذكره ما أنعم به عليه من جلائل النعم . ثم قال { إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } كأنه قال : خولناك ما خولناك فلا تيأس من فضل الله فإن مع العسر الذي أنتم فيه يسراً ، وجيء بلفظ « مع » لغاية مقاربة اليسر العسر زيادة في التسلية ولتقوية القلوب ، وإنما قال عليه السلام عند نزولها " لن يغلب عسر يسرين " لأن العسر أعيد معرفاً فكان واحداً لأن المعرفة إذا أعيدت معرفة كانت الثانية عين الأولى ، واليسر أعيد نكرة والنكرة إذا أعيدت نكرة كانت الثانية غير الأولى ، فصار المعنى إن مع العسر يسرين . قال أبو معاذ : يقال إن مع الأمير غلاماً إن مع الأمير غلاماً ، فالأمير واحد ومعه غلامان . وإذا قال : إن مع أمير غلاماً وإن مع الأمير الغلام ، فالأمير واحد والغلام واحد . وإذا قيل : إن مع أمير غلاماً وإن مع أمير غلاماً فهما أميران وغلامان كذا في « شرح التأويلات » . { فَإِذَا فَرَغْتَ فَٱنصَبْ } أي فإذا فرغت من دعوة الخلق فاجتهد في عبادة الرب ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : فإذا فرغت من صلاتك فاجتهد في الدعاء ، واختلف أنه قبل السلام أو بعده ، ووجه الاتصال بما قبله أنه لما عدد عليه نعمه السالفة ومواعيده الآتية بعثه على الشكر والاجتهاد في العبادة والنصب فيها ، وأن يواصل بين بعضها وبعض ولا يخلي وقتاً من أوقاته منها فإذا فرغ من عبادة ذنبها بأخرى { وَإِلَىٰ رَبّكَ فَٱرْغَبْ } واجعل رغبتك إليه خصوصاً ولا تسأل إلا فضله متوكلاً عليه { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ إبراهيم : 11 ] .