Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 102, Ayat: 1-2)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عزّ وجلّ : { ألهاكم التكاثر } أي شغلتكم المفاخرة ، والمباهاة ، والمكاثرة بكثرة المال ، والعدد ، والمناقب عن طاعة الله ربكم ، وما ينجيكم من سخطه ، ومعلوم أن من اشتغل بشيء أعرض عن غيره ، فينبغي للمؤمن العاقل أن يكون سعيه وشغله في تقديم الأهم وهو ما يقربه من ربه عزّ وجلّ . فالتفاخر بالمال والجاه والأعوان ، والأقرباء تفاخر بأخس المراتب ، والاشتغال به يمنع الإنسان من الاشتغال بتحصيل السّعادة الأخروية التي هي سعادة الأبد ، ويدل على أن المكاثرة ، والمفاخرة بالمال مذمومة ، ما روي عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال : انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية { ألهاكم التكاثر } " فقال " يقول ابن آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما تصدقت فأمضيت أو أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت " أخرجه التّرمذي وقال حديث حسن صحيح خ عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى معه واحد يتبعه ماله وأهله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله " { حتى زرتم المقابر } أي حتى متم ودفنتم في المقابر يقال لمن مات زار قبره وزار رمسه ، فيكون معنى الآية ألهاكم حرصكم على تكثير أموالكم عن طاعة ربكم حتى أتاكم الموت ، وأنتم على ذلك قيل نزلت هذه الآية في اليهود ، قالوا نحن أكثر من بني فلان ، وبنو فلان أكثر من بني فلان ، شغلهم ذلك حتى ماتوا ضلالاً ، وقيل نزلت في حيين من قريش ، وهما بنو عبد مناف ، وبنو سهم بن عمرو ، وكان بينهم تفاخر فتعادوا القادة ، والأشراف أيّهم أكثر فقال بنو عبد مناف نحن أكثر سيداً ، وأعز عزيزاً ، وأعظم نفراً ، وأكثر عدداً ، وقال بنو سهم مثل ذلك ، فكاثرهم بنو بعد مناف ، ثم قالوا نعد موتانا فعدوا الموتى حتى زار والقبور ، فعدوهم فقالوا هذا قبر فلان وهذا قبر فلان فكثرهم بنو سهم بثلاثة أبيات لأنهم كانوا في الجاهلية أكثر عدداً فأنزل الله هذه الآية ، وهذا القول أشبه بظاهر القرآن لأن قوله { حتى زرتم المقابر } يدل على أمر مضى ، فكأنه تعالى يعجبهم من أنفسهم ويقول مجيباً هب إنكم أكثر عدداً ، فماذا ينفع ثم رد الله تعالى عليهم فقال : { كلا سوف تعلمون … } .