Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 18-21)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { للذين استجابوا لربهم الحسنى } قيل : اللام في للذين متعلقة بيضرب والمعنى كذلك يضرب الله الأمثال للمؤمنين الذي استجابوا لربهم يعني أجابوه إلى ما دعاهم إليه من توحيده والإيمان به وبرسوله وللكافرين الذين لم يستجيبوا ، فعلى هذا يكون قوله كذلك يضرب الله الأمثال ثم للفريقين من المؤمنين والكافرين وقيل تم الكلام عند قوله كذلك يضرب الله الأمثال ثم استأنف بقوله للذين استجابوا لربهم الحسنى . قال ابن عباس وجمهور المفسرين : يعني الجنة . وقيل : الحسنى هي المنفعة العظمى في الحسن وهي المنفعة الخالصة الخالية عن شوائب المضرة والانقطاع { والذين لم يستجيبوا له } يعني الكبار الذين استمروا على كفرهم وشركهم وما كانوا عليه { لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به } يعني لبذلوا ذلك كله فداء لأنفسهم من عذاب النار يوم القيامة { أولئك } يعني الذين لم يستجيبوا لربهم { لهم سوء الحساب } قال إبراهيم النخعي : سوء الحساب أن يحاسب الرجل بذنبه كله ولا يغفر له منه شيء { ومأواهم } يعني في الآخرة { جهنم وبئس المهاد } يعني وبئس ما مهد لهم في الآخرة ، وقيل : المهاد الفراش يعني وبئس الفراش يفرش لهم في جهنم . قوله تعالى { أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق } يعني فيؤمن به ويعمل بما فيه { كمن هو أعمى } يعني أعمى البصيرة ، لا أعمى البصر وهو الكافر فلا يؤمن بالقرآن ولا يعمل بما فيه قال ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت في حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه سلم وأبي جهل بن هشام . وقيل : نزلت في عمار بن ياسر وأبي جهل فالأول هو حمزة أو عمار والثاني هو أبو جهل وحمل الآية على العموم أولى ، وإن كان السبب مخصوصاً ، والمعنى : لا يستوي من يبصر الحق ويتبعه ومن لا يبصر الحق ولا يتبعه وإنما شبه الكافر والجاهل بالأعمى لأن الأعمى لا يهتدي لرشد ، وربما وقع في مهلكة وكذلك الكافر والجاهل لا يهتديان للرشد وهما واقعان في المهلكة { إنما يتذكر أولو الألباب } يعني إنما يتعظ ذوو العقول السليمة الصحيحة ، وهم الذين ينتفعون بالمواعظ والأذكار . قوله عز وجل { الذين يوفون بعهد الله } يعني الذي عاهدهم عليه وهو القيام بما أمرهم به ، وفرضه عليهم وأصل العهد حفظ الشيء ، ومراعاته حالاً بعد حال وقيل أراد بالعهد ما أخذه على أولاد آدم حين أخرجهم من صلبه ، وأخذ عليهم العهد والميثاق { ولا ينقضون الميثاق } بل يوفون به فهو توكيد لقوله الذين يوفون بعهد الله { والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل } قال ابن عباس : يريد الإيمان بجميع الكتب والرسل يعني يصل بينهم بالإيمان ولا يفرق بين أحد منهم والأكثرون على أن المراد به صلة الرحم عن عبد الرحمن بن عوف . قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " قال الله تبارك وتعالى : أنا الله وأنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته أو قال بتتته " أخرجه أبو داود والترمذي ق . عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله " خ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من سره أن يبسط له في رزقه وأن يُنسأ له في أثره فليصل رحمه " صلة الرحم مبرة الأهل والأقارب والإحسان إليهم وضده القطع ، قوله : وأن ينسأ له في أثره الأثر هنا الأجل سمي الأجل أثراً لأنه تابع للحياة وسابقها . ومعنى ينسأ : يؤخر والمراد به تأخير الأجل . وهو على وجهين : أحدهما أن يبارك الله في عمره فكأنما قد زاد فيه . والثاني أن يزيده في عمره زيادة حقيقية والله يفعل ما يشاء ق عن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يدخل الجنة قاطع " في رواية سفيان يعني " قاطع رحم " خ عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ليس الواصل بالمكافىء الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل ومثراة في المال ومنسأة في الأثر " أخرجه الترمذي . وقوله تعالى : { ويخشون ربهم } يعني أنهم مع وفائهم بعهد الله وميثاقه والقيام بما أمر الله به من صلة الرحم يخشون ربهم ، والخشية خوف يشوبه تعظيم وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه { ويخافون سوء الحساب } تقدم معناه .