Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 1-2)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز و جل { آلمر } قال ابن عباس رضي الله عنهما : معناه أنا الله أعلم وأرى . وروى عطاء عنه أنه قال : إن معناه أنا الله الملك الرحمن { تلك آيات الكتاب } الإشارة بتلك الى آيات السورة المسماة بالمر ، والمراد بالكتاب السورة أي آيات السورة الكاملة العجيبة في بابها ثم قال تعالى : { والذي أنزل إليك من ربك الحق } يعني من القرآن كله هو الحق الذي لا مزيد عليه ، وقيل المراد بالإشارة في قوله : تلك الأخبار والقصص أي الأخبار والقصص التي قصصتها عليك يا محمد هي آيات التوراة والإنجيل والكتب الإلهية القديمة المنزلة ، والذي أنزل إليك يعني وهذا القرآن الذي أنزل إليك يا محمد من ربك الحق أي هو الحق فاعتصم به وقال ابن عباس وقتادة : أراد بآيات الكتاب القرآن ، والمعنى : هذه آيات الكتاب الذي هو القرآن ثم قال : والذي أنزل إليك من ربك الحق يعني : وهذا القرآن الذي أنزل إليك من ربك هو الحق لا شك فيه ولا تناقض { ولكن أكثر الناس لا يؤمنون } يعني مشركي مكة نزلت هذه الآية في الرد عليهم حين قالوا إن محمداً يقوله من تلقاء نفسه ، ثم ذكر من دلائل ربوبيته وعجائب قدرته ما يدل على وحدانيته فقال تعالى : { الله الذي رفع السماوات بغير عمد } جمع عمود وهي الأساطين والدعائم التي تكون تحت السقف وفي قوله : { ترونها } قولان أحدهما أن الرؤية ترجع إلى السماء يعني : وأنتم ترون السماوات مرفوعة بغير عمد من تحتها يعني ليس من دونهما دعامة تدعمها ولا من فوقها علاقة تمسكها ، والمراد نفي العمد بالكلية . قال إياس بن معاوية : السماء مقبية على الأرض مثل القبة ، وهذا قول الحسن وقتادة و جمهور المفسرين ، وإحدى الروايتين عن ابن عباس . و القول الثاني : إن الرؤية ترجع الى العمد ، والمعنى أن لها عمداً ولكن لا ترونها أنتم ، ومن قال بهذا القول يقول : إن عمدها على جبل قاف ، وهو جبل من زمرد محيط بالدنيا ، والسماء عليه مثل القبة ، وهذا قول مجاهد وعكرمة والرواية الأخرى عن ابن عباس ، والقول الأول أصح ، وقوله تعالى { ثم استوى على العرش } تقدم تفسيره والكلام عليه في سورة الأعراف بما فيه كفاية { وسخر الشمس والقمر } يعني ذللهما لمنافع خلقه فهما مقهوران ، يجريان على ما يريد { كلُّ يجري لأجل مسمى } يعني إلى وقت معلوم ، وهو وقت فناء الدنيا وزوالها . و قال ابن عباس : أراد بالأجل المسمى درجاتهما ومنازلهما يعني أنهما يجريان في منازلهما ودرجاتهما الى غاية ينتهيان إليها ولا يجاوزانها ، وتحقيقه أن الله تعالى جعل لكل واحد من الشمس والقمر سيراً خاصاً إلى جهة بمقدار خاص من السرعة والبطء في الحركة ، { يدبر الأمر } يعني أنه تعالى يدبر أمر العالم العلوي و السفلي ، ويصرفه ويقضيه بمشيئته ، وحكمته ، على أكمل الأحوال لا يشغله شأن عن شأن ، وقيل : يدبر الأمر بالإيجاد والإعدام والإحياء و الإماتة ، ففيه دليل على كمال القدرة والرحمة ، لأن جميع العالم محتاجون إلى تدبيره ورحمته ، داخلون تحت قهره وقضائه وقدرته { يفصل الآيات } يعني أنه تعالى يبين الآيات الدالة على وحدانيته وكمال قدرته ، وقيل : إن الدلائل الدالة على وجود الصانع قسمان : الأول : الموجودات المشاهدة ، وهي خلق السماوات والأرض وما فيهما من العجائب وأحوال الشمس والقمر وسائر النجوم وهذا قد تقدم ذكره . والقسم الثاني : الموجودات الحادثة في العالم ، وهي الموت بعد الحياة والفقر بعد الغنى والضعف بعد القوة إلى غير ذلك من أحوال هذا العالم ، وكل ذلك مما يدل على وجود الصانع و كمال قدرته { لعلكم بلقاء ربكم توقنون } يعني أنه تعالى يبين الآيات الدالة على وحدانيته وكمال قدرته لكي توقنوا ، وتصدقوا بلقائه والمصير إليه بعد الموت لأن من قدر على إيجاد الإنسان بعد عدمه قادر على إيجاده وإحيائه بعد موته ، واليقين صفة من صفات العلم ، وهو فوق المعرفة والدراية وهو سكون الفهم مع ثبات الحكم وزوال الشك ، يقال منه استيقن وأيقن بمعنى علم .