Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 1-10)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كهيعص } قال ابن عباس رضي الله عنهما هو اسم من أسماء الله تعالى ، وقيل اسم القرآن ، وقيل للسورة وقيل هو قسم أقسم الله تعالى به . عن ابن عباس قال الكاف من كريم وكبير ، والهاء من هاد ، والياء من رحيم ، والعين من عليم ، والصاد من صادق ، وقيل معناه كاف لخلقه هاد لعباده يده فوق أيديهم عالم ببريته صادق في وعده . { ذكر } أي هذا الذي نتلو عليك ذكر { رحمة ربك عبده زكريا } قيل معناه ذكر ربك عبده زكريا برحمته { إذ نادى } اي دعا { ربه } في المحراب { نداء خفياً } أي دعاء سراً من قيامه في جوف الليل ، وقيل راعى سنة الله في إخفاء دعائه لأن الجهر والإسرار عند الله تعالى سيان ، ولكن الإخفاء أولى ، وقيل خفت صوته لضعفه سقوط الأضراس { واشتعل الرأس } أي ابيض الشعر { شيباً } أي شمطاً { ولم أكن بدعائك رب شقياً } أي عودتني الإجابة فما مضى ولم تخيبني ، وقيل معناه لما دعوتني إلى الإيمان آمنت ولم أشق بترك الإيمان { وإني خفت الموالي من ورائي } أي من بعد موتي والموالي هم بنو العم وقيل العصبة وقيل الكلالة وقيل جميع الورثة { وكانت امرأتي عاقراً } أي لا تلد { فهب لي من لدنك ولياً } أي أعطني من عندك ولداً مرضياً { يرثني ويرث من آل يعقوب } أي ولياً ذا رشاد ، وقيل أراد به يرث مالي ويرث من آل يعقوب النبوة والعلم ، وقيل أراد به الحبورة ، لأن زكريا كان رأس الأحبار ، والأولى أن يحمل على ميراث غير المال لأن الأنبياء لم يرثوا المال وإنما يورثون العلم ، ويبعد عن زكريا وهو نبي من الأنبياء أن يشفق على ماله أن يرثه بنو عمه ، وإنما خاف أن يضيع بنو عمه دين الله ويغيروا أحكامه ، وذلك لما أن شاهد من بني إسرائيل تبديل الدين وقتل الأنبياء . فسأل ربه ولداً صالحاً يأمنه على أمته ويرث نبوته وعلمه لئلا يضيع وهذا قول ابن عباس { واجعله رب رضياً } أي براً تقياً مرضياً . قوله تعالى { يا زكريا } المعنى استجاب الله له دعائه فقال يا زكريا { إنا نبشرك بغلام } أي بولد ذكر { اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سمياً } أي لم يسم أحد قبله يحيى وقيل معناه لم نجعل له شبهاً مثلاً ، وذلك لأنه لم يعص الله ولم يهم بمعصية قط وقال ابن عباس : لم تلد العواقر مثله ولداً ، قيل لم يرد الله تعالى بذلك اجتماع الفضائل كلها ليحيى ، وإنما أراد بعضها لأن الخليل والكليم كانا قبله وهما أفضل منه { قال رب أنى يكون لي } أي من أين يكون لي { غلام وكانت امرأتي عاقراً } أي وامرأتي عاقر { وقد بلغت من الكبر عتياً } أي يأساً يريد بذلك نحول الجسم ودقة العظام ونحول الجلد { قال كذلك قال ربك هو علي هين } أي يسير { وقد خلقتك من قبل } أي من قبل يحيى { ولم تك شيئاً وقال رب اجعل لي آية } أي دلالة على حمل امرأتي { قال آيتك } أي علامتك { أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً } أي صحيحاً سليماً من غير بأس ولا خرس ، وقيل ثلاث ليال متتابعات والأول أصح قيل إنه لم يقدر فيها أن يتكلم مع الناس فإذا أراد ذكر الله انطلق لسانه .