Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 10-14)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ في قلوبهم مرض } أي شك ونفاق وأصل المرض الضعف والخروج عن الاعتدال الخاص بالإنسان وسمي الشك في الدين والنفاق مرضاً لأنه يضعف الدين كالمرض يضعف البدن { فزادهم الله مرضاً } يعني أن الآيات كانت تنزل تترى ، أي آية بعد آية فلما كفروا بآية ازدادوا بعد ذلك كفراً ونفاقاً { ولهم عذاب أليم } أي مؤلم يخلص وجعه إلى قلوبهم { بما كانوا يكذبون } أي بتكذيبهم الله ورسوله في السر ، وقرئ بالتخفيف أي بكذبهم إذ قالوا آمنا وهم غير مؤمنين { وإذا قيل لهم } يعني المنافقين وقيل اليهود والمعنى إذا قال لهم المؤمنون { لا تفسدوا في الأرض } أي بالكفر وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن { قالوا إنما نحن مصلحون } يعني يقولونه كذباً { ألا } كلمة تنبيه ينبه بها المخاطب { إنهم هم المفسدون } يعني في الأرض بالكفر وهو أشد الفساد { ولكن لا يشعرون } وذلك لأنهم يظنون إن ما هم عليه من النفاق وإبطان الكفر صلاح وهو عين الفساد . وقيل لا يشعرون ما أعد الله لهم من العذاب { وإذا قيل لهم } يعني المنافقين وقيل اليهود { آمنوا كما آمن الناس } يعني المهاجرين والأنصار . وقيل عبدالله بن سلام وأصحابه من مؤمني أهل الكتاب ، والمعنى أخلصوا في إيمانكم كما أخلص هؤلاء في إيمانهم لأن المنافقين كانوا يظهرون الإيمان { قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء } أي الجهال . فإن قلت كيف يصح النفاق مع المجاهرة بقولهم : أنؤمن كما آمن السفهاء . قلت كانوا يظهرون هذا القول فيما بينهم لا عند المؤمنين فأخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بذلك فرد الله ذلك عليهم بقوله { ألا إنهم هم السفهاء } يعني الجهال . وأصل السفه خفة العقل ورقة العلم وإنما سمى الله المنافقين سفهاء لأنهم كانوا عند أنفسهم عقلاء رؤساء فقلب ذلك عليهم وسماهم سفهاء { ولكن لا يعلمون } يعني أنهم كذلك . قوله تعالى : { وإذا لقوا الذين آمنوا } يعني هؤلاء المنافقين إذا لقوا المهاجرين والأنصار { قالوا آمنا } كإيمانكم { وإذا خلوا } أي رجعوا . وقيل هو من الخلوة { إلى } قيل بمعنى الباء أي بـ { شياطينهم } وقيل بمعنى مع أي مع شياطينهم والمراد بشياطينهم رؤساؤهم وكهنتهم قال ابن عباس وهم خمسة نفر : كعب بن الأشرف من اليهود بالمدينة وأبو بردة من بني أسلم ، وعبد الدار في جهينة وعوف بن عامر في بني أسد وعبدالله بن السوداء بالشام ، ولا يكون كاهن إلاّ ومعه شيطان تابع لهم ، وقيل لهم رؤساؤهم الذين شابهوا الشياطين في تمردهم { قالوا إنا معكم } أي على دينكم { إنما نحن مستهزئون } أي بمحمد وأصحابه بما نظهر لهم من الإسلام لنأمن شرهم ونقف على سرهم ونأخذ من غنائمهم وصدقاتهم . قال ابن عباس نزلت هذه الآية في عبدالله بن أبي وأصحابه ، وذلك أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عبدالله بن أبي لأصحابه انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم ؟ فذهب فأخذ بيد أبي بكر الصديق فقال : مرحباً بالصديق سيد بني تميم وشيخ الإسلام وثاني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار الباذل نفسه وماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخذ بيد عمر فقال : مرحباً بسيد بن عدي بن كعب الفاروق القوي في دين الله الباذل نفسه وماله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخذ بيد علي فقال : مرحباً يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختمه وسيد بني هاشم ما خلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال له علي : اتق الله يا عبدالله ولا تنافق فإن المنافقين شر خليقة الله . فقال مهلاً يا أبا الحسن إني لا أقول هذا نفاقاً والله إن إيماننا كإيمانكم وتصديقنا كتصديقكم ثم تفرقوا فقال عبدالله لأصحابه كيف رأيتموني فعلت ؟ فأثنوا عليه خيراً .