Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 117-119)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { بديع السموات والأرض } أي خالقها ومبدعها ومنشئها على غير مثال سبق . وقيل : البديع الذي يبدع الأشياء أي يحدثها مما لم يكن { وإذا قضى أمراً } أي قدره وأراد خلقه . وقيل : إذا أحكم أمراً وحتمه وأتقنه . وأصل القضاء الحكم والفراغ والقضاء في اللغة على وجوه كلها ترجع إلى انقطاع الشيء وتمامه والفراغ منه { فإنما يقول له كن فيكون } أي إذا أحكم أمراً وحتمه فإنما يقول له فيكون ذلك الأمر على ما أراد الله تعالى وجوده . فإن قلت المعدوم لا يخاطب فكيف قال فإنما يقول له كن فيكون . قلت : إن الله تعالى عالم بكل ما هو كائن قبل تكوينه وإذا كان كذلك كانت الأشياء التي لم تكن كأنها كائنة لعلمه بها فجاز ان يقول لها : كوني ويأمرها بالخروج من حال العدم إلى حال العدم إلى حال الوجود وقيل اللام في قوله : { له } لام أجل فيكون المعنى إذا قضى أمراً ، فإنما يقول : لأجل تكوينه وإرادته له كن فيكون فعلى هذا يذهب معنى الخطاب . قوله عز وجل : { وقال الذين لا يعلمون } قال ابن عباس هم اليهود الذين كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل : هم النصارى وقيل : هم مشركو العرب { لولا } أي هلا { يكلمنا الله } أي عياناً بأنك رسوله { أو تأتينا آية } أي دلالة وعلامة على صدقك { كذلك قال الذين من قبلهم } أي كفار الأمم الخالية { مثل قولهم } وذلك أن اليهود سألوا موسى أن يريهم الله جهرة ، وأن يسمعهم كلام الله . وسألوه من الآيات ما ليس لهم مسألته فأخبر الله عن الذين كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا : مثل ما قال من كان قبلهم { تشابهت قلوبهم } يعني أن المكذبين للرسل تشابهت أقوالهم وأفعالهم . وقيل تشابهت في الكفر والقسوة والتكذيب وطلب المحال { قد بينا الآيات } أي الدلالات على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم { لقوم يوقنون } يعني أن آيات القرآن وما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من المعجزات الباهرات كافية لمن كان طالباً لليقين ، وإنما خص أهل الإيقان بالذكر لأنهم هم أهل التثبت في الأمور ومعرفة الأشياء على يقين . قوله عز وجل : { إنا أرسلناك بالحق } أي بالصدق وقال ابن عباس : بالقرآن وقيل : بالإسلام وقيل : معناه إنا لم نرسلك عبثاً ، بل أرسلناك بالحق { بشيراً } أي مبشراً لأوليائي ، وأهل طاعتي بالثواب العظيم { ونذيراً } أي منذراً ومخوفاً لأعدائي وأهل معصيتي بالعذاب الأليم { ولا تسأل } قرئ بفتح التاء على النهي قال ابن عباس : وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم : " ليت شعري ما فعل أبواي " فنزلت هذه الآية ، والمعنى إنا أرسلناك لتبليغ ما أرسلت به ولا تسأل عن أصحاب الجحيم . وقرئ ولا تسأل بضم التاء ورفع اللام على الخبر . وقيل : على النفي والمعنى إنا أرسلناك بالحق لتبليغ ما أرسلت به ، فإنما عليك البلاغ ولست مسؤولاً عمن كفر { عن أصحاب الجحيم } أي عن أهل النار ، سميت النار جحيماً لشدة تأججها . وقيل : الجحيم معظم النار .