Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 61-61)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد } وذلك أنهم سئموا من المن والسلوى وملوه ، فاشتهوا عليه غيره لأن المواظبة على الطعام الواحد تكون سبباً لنقصان الشهوة . فإن قلت : هما طعامان فما بالهم قالوا على طعام واحد . قلت : أرادوا بالواحد ما لا يختلف ولا يتبدل ولو كان على مائدة الرجل عدة ألوان يداوم عليها في كل يوم لا يبدلها كانت بمنزلة الطعام الواحد { فادع لنا ربك } أي فاسأل لنا ربك { يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها } قال ابن عباس : الفوم الخبز وقيل هو الحنطة ، وقيل هو الثوم { وعدسها وبصلها } إنما طلبوا هذا الأنواع لأنها تعين على تقوية الشهوة أو لأنهم ملوا من البقاء في التيه ، فسألوا هذه الأطعمة التي لا توجد إلا في البلاد وكان غرضهم الوصول إلى البلاد لا تلك الأطعمة { قال } يعني موسى { أتستبدلون الذي هو أدنى } أي الذي هو أخس وأردأ وهو الذي طلبوه { بالذي هو خير } يعني بالذي هو أشرف وأفضل وهو ما هم فيه { اهبطوا مصراً } يعني إن أبيتم إلا ذلك ، فأتوا مصراً من الأمصار ، وقيل : بل هو مصر البلد الذي كانوا فيه ودخول التنوين عليه كدخوله على نوح ولوط ، والقول هو الأول { فإن لكم ما سألتم } يعني من نبات الأرض { وضربت عليهم الذلة } أي جعلت الذلة محيطة بهم مشتملة عليهم وألزموا الذل والهوان وقيل : الذلة الجزية وزي اليهودية وفيه بعد لأنه لم تكن ضربت عليهم الجزية بعد { والمسكنة } أي الفقر والفاقة وسمي الفقير مسكيناً لأن الفقر أسكنه وأقعده عن الحركة ، فترى اليهود وإن كانوا أغنياء مياسير كأنهم فقراء فلا ترى أحداً من أهل الملل أذل ولا أحرص على المال من اليهود { وباؤوا } أي رجعوا ولا يقال باء إلا بشر { بغضب من الله } وغضب الله إرادة الانتقام ممن عصاه { ذلك } أي الغضب { بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله } أي بصفة محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم التي في التوراة ويكفرون بالإنجيل والقرآن { ويقتلون النبيين } النبي معناه المخبر من أنبأ ينبئ وقيل هو بمعنى الرفيع مأخوذ من النبوة وهو المكان المرتفع { بغير الحق } أي بغير جرم . فإن قلت : قتل الأنبياء لا يكون إلا بغير حق فما فائدة ذكره . قلت : ذكره وصفاً للقتل والقتل يوصف تارة بالحق وهو ما أمر الله به وتارة بغير الحق وهو قتل العدوان فهو كقوله : { قال رب احكم بالحق } [ الأَنبياء : 112 ] فالحق وصف للحكم ، لا أن حكمه ينقسم إلى حق وجور . يروى أن اليهود قتلت سبعين نبياً في أول النهار ، وقامت إلى سوق بقلها في آخره وقتلوا زكريا ويحيى وشعياء وغيرهم من الأنبياء { ذلك بما عصوا } أي ذلك القتل والكفر بما عصوا أمري { وكانوا يعتدون } أي يتجاوزون أمري ويرتكبون محارمي .