Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 94-96)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس } وذلك أن اليهود ادعوا دعاوى باطلة منها قولهم : لن يدخل الجنة إلاّ من كان هوداً وقولهم : نحن أبناء الله وأحباؤه فكذبهم الله وألزمهم الحجة فقال : قل يا محمد لليهود إن كانت لكم الدار الآخرة يعني الجنة خالصة لكم دون الناس { فتمنوا الموت } أي فاطلبوه واسألوه لأن من علم أن الجنة مأواه وأنها له حن إليها ولا سبيل إلى دخولها إلاّ بعد الموت فاستعجلوه بالتمني { إن كنتم صادقين } أي في قولكم ودعواكم ، روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لو تمنوا الموت لغص كل إنسان بريقه وما بقي على وجه الأرض يهودي إلاّ مات " قال الله تعالى : { ولن يتمنوه أبداً } أي لعلمهم أنهم في دعواهم كاذبون { بما قدمت أيديهم } يعني من الأعمال السيئة ، وإنما أضاف العمل إلى اليد لأن أكثر جنايات الإنسان تكون من يده { والله عليم بالظالمين } فيه تخويف وتهديد لهم ، وإنما خصهم بالظلم لأنه أعم من الكفر لأن كل كافر ظالم وليس كلّ ظالم كافراً فلهذا كان أعم وكانوا أولى به { ولتجدنهم } اللام للقسم والنون للتوكيد تقديره والله لتجدنهم يا محمد يعني اليهود { أحرص الناس على حياة } أي حياة متطاولة ، والحرص أشد الطلب { ومن الذين أشركوا } قيل هو متصل بما قبله ومعطوف عليه والمعنى وأحرص من الذين أشركوا . فإن قلت : الذين أشركوا قد دخلوا تحت الناس في قوله أحرص الناس فلم أفردهم بالذكر ؟ قلت : افردهم بالذكر لشدّة حرصهم وفيه توبيخ عظيم لليهود لأن الذين لا يؤمنون بالمعاد ولا يعرفون إلاّ الحياة الدنيا لا يستبعد حرصهم عليها ، فإذا زاد عليهم في الحرص من له كتاب وهو مقر بالبعث والجزاء كان حقيقاً بالتوبيخ العظيم وقيل : إن الواو واو استئناف تقديره ومن الذين أشركوا أناس { يود أحدهم } وهم المجوس سموا بذلك لأنهم يقولون : بالنور والظلمة يود أن يتمنى أحدهم { لو يعمر ألف سنة } أي تعمير ألف سنة وإنما خص الألف لأنها نهاية العقود ولأنها تحية المجوس فيما بينهم يقولون : زه هز إرسال أي عش ألف سنة أو ألف نيروز أو ألف مهرجان فهذه تحيتهم . والمعنى أن اليهود أحرص من المجوس الذين يقولون ذلك { وما هو بمزحزحه } أي بمباعده { من العذاب } أي النار { أن يعمر } أي لو عمر طول عمره لا ينقذه من العذاب { والله بصير بما يعملون } أي لا يخفى عليه خافية من أحوالهم .