Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 18-23)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قالوا } يعني المعبودين { سبحانك } نزهوا الله سبحانه وتعالى من أن يكون معه آلهة { ما ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء } يعني ما كان ينبغي لنا أن نوالي أعداءك ، بل أنت ولينا من دونهم وقيل معناه ، ما كان لنا أن نأمرهم بعبادتنا ونحن نعبدك ونحن عبيدك { ولكن متعتهم وآباءهم } أي بطول العمر والصحة والنعمة في الدنيا { حتى نسوا الذكر } معناه تركوا المواعظ والإيمان بالقرآن وقيل تركوا ذكرك وغفلوا عنه { وكانوا قوماً بوراً } معناه هلكى أي غلب عليهم الشقاء والخذلان { فقد كذبوكم } هذا خطاب مع المشركين أي كذبكم المعبودون { بما تقولون } يعني أنهم آلهة { فما يستطيعون } أي الآلهة { صرفاً } أي صرف العذاب عن أنفسهم { ولا نصراً } يعني ولا نصر أنفسهم وقيل لا ينصرونكم أيها العابدون بدفع العذاب عنكم { ومن يظلم منكم } يعني يشرك { نذقه عذاباً كبيراً } . قوله عز وجل { وما أرسلنا قبلك } أي يا محمد { من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق } قال ابن عباس : لما عير المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا { ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق } [ الفرقان : 7 ] أنزل الله تعالى على هذه الآية والمعنى أن هذه عادة مستمرة من الله تعالى على رسله فلا وجه لهذا الطعن { ما المسيح ابن مريم إلا رسول } [ المائدة : 75 ] { وما كنت بدعاً من الرسل } [ الأَحقاف : 9 ] وهم كانوا بشراً مثلي ، يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة } أي بلية قال ابن عباس أي جعلنا بعضكم بلاء بعض ، لتصبروا على ما تسمعون منهم وترون من خلافهم وتتبعوا أنتم الهدى ، قيل : نزلت في ابتلاء الشريف بالوضيع وذلك أن الشريف إذا أراد أن يسلم رأى الوضيع ، قد أسلم قبله فأنف وقال : أسلم بعده فيكون له السابقة والفضل علي فيقيم على كفره ويمتنع من الإسلام فذلك افتتان بعضهم ببعض وقيل : نزلت في أبي جهل والوليد بن عقبة والعاص بن وائل السهمي والنضر بن الحارث وذلك أنهم رأوا أبا ذر وابن مسعود وعمار بن ياسر وبلالاً ، وصهيباً وعامر بن فهيرة وذويهم ، قد أسلموا قبلهم فقالوا : نسلم فنكون مثل هؤلاء وقيل : نزلت في ابتلاء فقراء المسلمين بالمستهزئين من قريش كانوا يقولون : انظروا إلى هؤلاء الذين تبعوا محمداً صلى الله عليه وسلم من موالينا وأراذلنا فقال الله تعالى لهؤلاء المؤمنين { أتصبرون } أي على هذه الحالة من الفقر والشدة والأذى وقيل إن الغني فتنة الفقير يقول ما لي لم أكل مثله والصحيح فتنة المريض والشريف فتنة الوضيع { وكان ربك بصيراً } أي بمن صبر وبمن جزع ق عن أبي هريرة يبلغ به النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه بالمال والجسم فلينظر إلى من هو دونه في المال والجسم " لفظ البخاري ولمسلم " انظروا إلى من هو أسفل منكم ، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم " . قوله تعالى { وقال الذين لا يرجون لقاءنا } أي يخافون البعث والرجاء ، بمعنى الخوف لغة تهامة { لولا أنزل علينا الملائكة } فتخبرنا أن محمداً صادق { أو نرى ربنا } فيخبرنا بذلك { لقد استكبروا } أي تعظموا { في أنفسهم } بهذه المقالة { وعتوا عتواً كبيراً } أي طغوا وقيل عتواً في القول وهو أشد الكفر والفحش وعتوهم ، طلبهم رؤية الله حتى يؤمنوا به . قوله تعالى { يوم يرون الملائكة } أي عند الموت وقيل يوم القيامة { لا بشرى يومئذٍ للمجرمين } وذلك أن الملائكة يبشرون المؤمنين ، يوم القيامة ويقولون للكفار : لا بشرى لكم وقيل : لا بشارة لهم بالجنة كما بشر المؤمن { ويقولون حجراً محجوراً } قال ابن عباس تقول الملائكة حراماً محرماً أن يدخل الجنة ، إلا من قال لا إله الله محمد رسول الله ، وقيل : إذا خرج الكفار من قبورهم تقول لهم الملائكة حراماً محرماً عليكم أن تكون لكم البشرى وقيل هذا قول : الكفار للملائكة وذلك أن العرب كانت إذا نزلت بهم شدة ورأوا ما يكرهون قالوا حجراً محجوراً فهم يقولون ذلك إذا عاينوا الملائكة . قوله عز وجل { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل } يعني من أعمال البر التي عملوها في حال الكفر { فجعلناه هباء منثوراً } أي باطلاً لا ثواب له لأنهم لم يعملوه لله عز وجل ومنه الحديث الصحيح " كل عمل ليس عليه أمرنا ، فهو رد " والهباء هو ما يرى في الكوة كالغبار ، إذا وقعت الشمس فيها فلا يمس بالأيدي ، ولا يرى في الظل والمنثور المفرق قال ابن عباس هو ما تسقيه الرياح ، وتذريه من التراب كحطام الشجر وقيل هو ما يسطع من حوافر الدواب عند السير من الغبار .