Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 71-77)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ومن تاب وعمل صالحاً } قيل هذا في التوبة من غير ما سبق ذكره في الآية الأولى من القتل والزنا ومعناه ، ومن تاب من الشرك وعمل صالحاً يعني أدّى الفرائض ممن لم يقتل ولم يزن { فإنه يتوب إلى الله } أي يعود إليه بعد الموت { متاباً } أي حسناً يفضل على غيره ممن قتل وزنى فالآية الأولى وهي قوله : ومن تاب رجوع عن الشرك والثانية رجوع إلى الله للجزاء والمكافأة . وقيل : هذه الآية أيضاً في التوبة عن جميع السيئات ومعناه من أراد التوبة ، وعزم عليها فليتب إلى الله فقوله يتوب إلى الله خبر بمعنى الأمر أي تب إلى الله وقيل معناه فليعلم أن توبته ومصيره إلى الله تعالى . قوله تعالى { والذين لا يشهدون الزور } يعني الشرك وقيل هي شهادة الزور ق عن أبي بكر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قلنا : بلى يا رسول الله قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين ، وكان متكئاً فجلس فقال ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت " وكان عمر بن الخطاب يجلد شاهد الزور أربعين جلدة ، ويسخم وجهه ويطوف به في الأسواق وقيل : لا يشهدون الزور يعني أعياد المشركين وقيل : الكذب وقيل : النوح وقيل لا يساعد أهل الباطل على باطلهم وقيل الزور اللهو واللعب والغناء . قال ابن مسعود : الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع . وأصل الزور حقيقة تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته فهو تمويه الباطل بما يوهم أنه حق { وإذا مرو باللغو } هو كل ما يجب أن يلغى ويترك { مروا كراماً } يعني إذا سمعوا من الكافر الشتم والأذى أعرضوا وصفحوا فعلى هذا التفسير ، تكون الآية منسوخة بآية القتال . وقيل : اللغو المعاصي كلها ، والمعنى إذا مروا بمجالس اللهو والباطل مروا كراماً أي مسرعين معرضين ، وهو أن ينزه المرء نفسه ويكرمها عن هذه المجالس السيئة { والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً } قيل : معناه أنه ليس فيه نفي الخرور إنما هو إثبات له ونفي الصمم والعمى والمعنى إذا ذكروا بها أكبوا على استماعها بأذان واعية وأقبلوا على المذكر بها بعيون مبصرة راعية . وقيل : معناه لم يخروا أي لم يسقطوا ولم يقعوا عليها صماً وعمياناً ، كأنهم بآذانهم صمم وبأعينهم عمى بل يسمعون ما يذكرون به ، فيفهمونه ويرون الحق فيه فيتبعونه . قوله عز وجل { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين } يعني أبراراً فيقرون أعيننا بذلك قيل : ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته ، وأولاده مطيعين لله عز وجل فيطمع أن يحلوا معه في الجنة فيتم سروره ، وتقر عينه بذلك وقيل : إن العرب تذكر قرة العين عند السرور والفرح وسخنة العين عند الغم والحزن . ويقال : دمع العين عند السرور والفرح بارد وعند الحزن حار وقيل معنى قرة العين أن صادف قلبه من يرضاه ، فتقر عينه به عن النظر إلى غيره { واجعلنا للمتقين إماماً } يعني يقتدون في الخير بنا . وقيل : معناه تقتدي بالمتقين وتقتدي بنا المتقون وقال ابن عباس : اجعلنا أئمة هدى وقيل : معناه أنهم سألوا الله أن يبلغهم في الطاعات المبلغ الذي يشار إليهم فيه ويقتدي بهم . قال بعضهم : فيه دليل على أن الرياسة في الدين مطلوبة مرغوب فيها وقيل هذا من المقلوب معناه ، واجعل المتقين لنا إماماً واجعلنا مقتدين مؤتمين بهم { أولئك يجزون } أي يثابون { الغرفة } الدرجة العالية الرفيعة في الجنة وقيل : يريد غرف الدر والزبرجد واللؤلؤ والياقوت في الجنة { بما صبروا } يعني على طاعة الله تعالى وأوامره وعلى أذى المشركين وقيل : بما صبروا عن الشهوات { ويلقون فيها تحية } أي ملكاً وقيل بقاء دائماً { وسلاماً } أي يسلم بعضهم على بعض أو يرسل الرب عز وجل إليهم السلام وقيل سلاماً أي سلامة من الآفات . قوله تعالى { خالدين فيها حسن مستقراً ومقاماً } أي موضع قرار وإقامة . قوله تعالى { قل ما يعبأ بكم ربي } أي ما يصنع ما يفعل بكم فوجودكم وعدمكم سواء ، وقيل : معناه أي وزن مقدار لكم عنده { لولا دعاؤكم } إياه . قيل معناه لولا عبادتكم إياه وقيل : لولا إيمانكم وقيل لولا دعاؤه إياكم إلى الإيمان فإذا آمنتم ظهر لكم عنده قدر . وقيل : معناه ما يعبأ أي ما يبالي بمغفرتكم ربي لولا دعاؤكم معه آلهة . وقيل معناه ما خلقتكم ولي إليكم حاجة إلا أن تسألوني ، فأعطيكم وتستغفروني فأغفر لكم { فقد كذبتم } أيها الكافرون يخاطب أهل مكة يعني أن الله دعاكم إلى توحيده وعبادته على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فكذبتم الرسول ولم تجيبوه إلى الإيمان { فسوف يكون لزاماً } هذا تهديد لهم أي يكون تكذيبهم لزاماً قال ابن عباس : موتاً وقيل هلاكاً وقيل : قتالاً والمعنى يكون التكذيب لازماً لمن كذب فلا يعطى التوبة حتى يجازى بعمله . وقيل : معناه عذاباً دائماً وهلاكاً لازماً لمن كذب مفنياً يلحق بعضكم بعضاً وقيل : هو يوم بدر قتل منهم سبعون وأسر سبعون وهو قول عبدالله بن مسعود وأبي بن كعب ، يعني أنهم قتلوا يوم بدر واتصل بهم عذاب الآخرة لازماً لهم ق عن عبدالله بن مسعود قال " خمس قد مضين الدخان واللزام والروم والبطشة والقمر وفي رواية الدخان والقمر والروم واللزام والبطشة " والله سبحانه وتعالى أعلم .