Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 23-41)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قال فرعون وما رب العالمين } يقول أي شيء رب العالمين الذي تزعم أنك رسوله أي يستوصفه إلهه الذي أرسله إليه ، وهو سؤال عن جنس الشيء ، والله تعالى منزه عن الجنسية والماهية فلهذا عدل موسى عن جوابه ، وأجابه بذكر أفعاله وآثار قدرته التي تعجز الخلائق عن الإتيان بمثلها { قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين } أنه خالقهما فاعرفوا أنه لايمكن تعريفه إلا بما ذكرته لكم ، فإن أيقنتم بذلك لزمكم أن تقطعوا أنه لا جواب لكم عن هذا السؤال إلا ما ذكرته من الجواب ، وقال أهل المعاني أي كما توقنون هذه الأشياء التي تعاينونها ، فأيقنوا أن إله الخلق هو الله تعالى الذي خلقها وأوجدها فلما قال ذلك موسى تحير فرعون في جواب موسى { قال لمن حوله } أي من أشراف قومه قال ابن عباس : كانوا خمسمائة رجل عليهم الأسورة { ألا تستمعون } وإنما قال فرعون : ذلك على سبيل التعجب من جواب موسى ، يعني أني إنما أطلب منها الماهية وخصوصية الحقيقة وهو يجيبني بأفعاله وآثاره وقيل : إنهم كانوا يعتقدون إن آلهتهم ملوكهم ثم زادهم موسى في البيان { قال ربكم ورب آبائكم الأولين } يعني أن موسى ذكر ما هو أقرب فقال ربكم يعني أنه خالقكم وخالق آبائكم الأولين { قال } يعني فرعون { إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون } يعني المقصود من السؤال طلب الماهية ، وهو يجيب بالآثار الخارجة وهذا لا يفيد ألبتة فهذا الذي يدعي الرسالة مجنون لا يفهم السؤال فضلاً عن أن يجيب عنه ، ويتكلم بكلام لا نقبله ولا نعرف صحته ، وكان عندهم أن من لا يعتقد ما يعتقدون ليس بعاقل فزاد في البيان { قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون } فعدل إلى طريق ثالث أوضح من الثاني ، ومعنى إن كنتم تعقلون قد عرفتم أنه لا جواب عن سؤالك إلا ما ذكرت { قال } فرعون حين لزمته الحجة ، وانقطع عنه الجواب تكبراً عن الحق { لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين } قيل كان سجن فرعون أشد من القتل ، لأنه كان يأخذ الرجل فيطرحه في مكان يهوي فيه إلى الأرض وحده فرداً لا يسمع ولا يبصر فيه { قال } له موسى حين توعده بالسجن { أولو جئتك بشيء مبين } أي بآية بينة والمعنى أتفعل ذلك ، ولو جئتك بحجة بينة وإنما قال ذلك موسى لأن من أخلاق الناس السكون إلى الإنصاف والإجابة إلى الحق بالبيان { قال } يعني فرعون { فأت به } أي إنا لن نسجنك حينئذٍ { إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين } قيل إنها لما صارت حية ارتفعت في السماء ، قدر ميل ثم انحطت مقبلة إلى فرعون فقال : بالذي أرسلك ألا أخذتها فأخذها موسى ، فعادت عصاً كما كانت فقال وهل غيرها قال نعم وأراه يده ثم أدخلها في جيبه ثم أخرجها ، فإذا هي بيضاء من غير برص لها شعاع كشعاع الشمس وهو قوله { ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين } فعند ذلك { قال } فرعون { للملأ حوله إن هذا } يعني موسى { لساحر عليم } وكان زمان السحر فلهذا روج فرعون هذا القول على قومه ثم قال { يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره } قال هذا القول على سبيل التنفير لئلا يقبلوا قول موسى { فماذا تأمرون } يعني ما رأيكم فيه وما الذي أعمله فعند ذلك { قاله أرجه وأخاه } أي أخره وأخاه { وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم } قيل إن فرعون أراد قتل موسى فقالوا لا تفعل فإنك إن قتلته دخلت الناس شبهة في أمره ولكن أخره ، واجمع له سحرة ليقاوموه ولا تثبت له عليك حجة . قوله تعالى { فجمع السحرة لميقات يوم معلوم } يعني يوم الزينة قال ابن عباس وافق ذلك يوم السبت في أول يوم من السنة ، وهو يوم النيروز { وقيل للناس هل أنتم مجتمعون } أي لتنظروا ما يفعل الفريقان ، ولمن تكون الغلبة { لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين } لموسى قيل أراد بالسحرة موسى وهارون وقالوا : ذلك على طريقة الاستهزاء { فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين } طلبوا من فرعون الجزاء ، وهو بذل المال والجاه فبذل لهم ذلك كله .