Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 40-40)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { قال } يعني زكريا { رب } أي يا رب قيل خطاب مع جبريل لأن الآية المتقدمة دلت على أن الذين نادوهم الملائكة فعلى هذا القول يكون الرب هنا بمعنى السيد والمربي أي يا سيدي ، وقيل : إنه خطاب مع الله تعالى فيكون الرب بمعنى المالك ، وذلك أن الملائكة لما بشروه بالولد تعجب ورجع في إزالة ذلك التعجب إلى الله تعالى فقال رب { أنى يكون لي غلام } يعني من أين يكون وكيف يكون لي غلام { وقد بلغني الكبر } قيل : هو من المقلوب ومعناه وقد بلغت الكبر وشخت . وقيل : معناه وقد نالني الكبر وأدركني الضعف . فإن قلت كيف أنكر زكريا الولد مع تبشير الملائكة إياه به وما معنى هذه المراجعة ، ولم تعجب من ذلك بعد ذلك وعد الله إياه به أكان شاكاً في وعد الله أو قدرته ؟ قلت : لم يشك زكريا عليه السلام في وعد الله وقدرته إنما قال ذلك على سبيل الاستفهام والاستعلام والمعنى من أي جهه يكون لي الولد أيكون بإزالة العقر عن زوجتي ورد شبابي علي ؟ أو يكون ونحن على حالنا من الكبر والضعف ؟ فأجابه بقوله { كذلك الله يفعل ما يشاء } وقال عكرمة والسدي : لما سمع زكريا نداء الملائكة جاءه الشيطان وقال : يا زكريا إن الصوت الذي سمعت ليس هو من الله تعالى ، وإنما هو من الشيطان ، ولو كان من الله تعالى لأوحاه إليك كما يوحي إليك من سائر الأمور : فقال ذلك زكريا دفعاً للوسوسة واعترض على الجواب بأنه لا يجوز أن يشتبه على الأنبياء كلام الملائكة بكلام الشيطان ، إذ لو جوزنا ذلك لارتفع الوثوق بأخبارهم عن الوحي السماوي ، وأجيب عن هذا الاعتراض بأنه لما دلت الدلائل على صدق الأنبياء فيم يخبرون به عن الله تعالى بواسطة الملك ، فلا مدخل للشيطان فيه وذلك فيما يتعلق بالدين والشرائع ، فأما ما يتعلق بمصالح الدنيا وبالولد فقد يحتمل فيه حصول الوسوسة فسأل زكريا ذلك لنزول هذه الوسوسة من خاطره . قال الكلبي : كان زكريا يوم بشر بالولد ابن اثنين وتسعين سنة . وقيل : ابن تسع وتسعين سنة وقال ابن عباس في رواية الضحاك : كان ابن مائة وعشرين سنة وكانت امرأته بنت ثمان وتسعين سنة . فذلك قوله تعالى : { وامرأتي عاقر } أي عقيم لا تلد { قال كذلك الله يفعل ما يشاء } يعني أنه تعالى قادر على هبة الولد على الكبر يفعل ما يشاء لا يعجزه شيء .