Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 45-50)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عز وجل : { يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً } أي للرسل بالتبليغ وقيل شاهداً على الخلق كلهم يوم القيامة { ومبشراً } أي لمن آمن بالجنة { ونذيراً } أي لمن كذب بالنار { وداعياً إلى الله } أي إلى توحيده وطاعته { بإذنه } أي بأمره { وسراجاً منيراً } سماه سراجاً منيراً لأنه جلا منه ظلمات الشرك واهتدى به الضالون كما يجلى ظلام الليل بالسراج المنير ، وقيل معناه أمد الله بنور نبوته نور البصائر كما يمد بنور السراج نور الأبصار ووصفه بالإنارة لأن من السراج ما لا يضيء . فإن قلت لم سماه سراجاً ، ولم يسمه شمساً والشمس أشد إضاءة من السرج وأنور . قلت : نور الشمس لا يمكن أن يؤخذ منه شيء بخلاف نور السراج فإنه يؤخذ منه أنوار كثيرة { وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً } أي ما تفضل به عليهم زيادة على الثواب وقيل : الفضل هو الثواب وقيل هو تفضيل هذه الأمة على سائر الأمم { ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم } قال ابن عباس : اصبر على أذاهم لا تجازهم عليه وهذا منسوخ بآية القتال { وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً } أي حافظاً . قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن } أي تجامعوهن ، ففي الآية دليل على أن الطلاق قبل النكاح غير واقع لأن الله تعالى رتب الطلاق على النكاح حتى لو قال لامرأة أجنبية إذا نكحتك فأنت طالق ، أو قال : كل امرأة أنكحها فهي طالق فنكح لا يقع الطلاق ، وهذا قول علي وابن عباس وجابر ومعاذ وعائشة وبه قال سعيد بن المسيب وعروة وشريح وسعيد بن جبير والقاسم وطاوس ، الحسن وعكرمة وعطاء وسليمان بن يسار ، ومجاهد والشعبي وقتادة وأكثر أهل العلم ، وبه قال الشافعي وروي عن ابن مسعود أنه يقع الطلاق ، وهو قول إبراهيم النخعي وأصحاب الرأي وقال ربيعة ومالك والأوزاعي : إن عين امرأة وقع وإن عمم فلا يقع وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال : كذبوا على ابن مسعود ، وإن كان قالها فزلة من عالم الرجل يقول إن تزوجت فلانة فهي طالق والله يقول { إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن } ولم يقل إذا طلقتموهن ثم نكحتموهن ، روى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا طلاق فيما لا تملك ولا عتق فيما لا تملك ولا بيع فيما لا تملك " أخرجه أبو داود والترمذي بمعناه خ عن ابن عباس قال : جعل الله الطلاق بعد النكاح أخرجه الترمذي في ترجمة باب بغير إسناد عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا طلاق قبل النكاح " { فما لكم عليهم من عدة تعتدونها } أي تحصونها بالأقراء والأشهر ، أجمع العلماء أنه إذا كان الطلاق قبل المسيس والخلوة ، فلا عدة وذهب أحمد إلى أن الخلوة توجب العدة والصداق { فمتعوهن } أي أعطوهن ما يستمتعن به قال ابن عباس : هذا إذا لم يكن سمى لها صداقاً فلها المتعة وإن كان قد فرض لها صداقاً فلها نصف الصداق ، ولا متعة لها وقال قتادة هذه الآية منسوخة بقوله { فنصف ما فرضتم } [ البقرة : 237 ] وقيل : هذا أمر ندب فالمتعة مستحبة لها مع نصف المهر وقيل : إنها تستحق المتعة بكل حال لظاهر الآية { وسرحوهن سراحاً جميلاً } أي خلوا سبيلهن بالمعروف من غير إضرار بهن . قوله عز وجل { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزاوجك اللاتي آتيت أجورهن } أي مهورهن { وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك } أي من السبي فتملكها مثل صفية وجويرية ، وقد كانت مارية مما ملكت يمينه فولدت له إبراهيم { وبنات عمك وبنات عماتك } يعني نساء قريش { وبنات خالك وبنات خالاتك } يعني نساء بني زهرة { اللاتي هاجرن معك } إلى المدينة فمن لم تهاجر ، منهن لم يجز له نكاحها عن أم هانىء بنت أبي طالب قالت : خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذرت إليه فعذرني ثم أنزل الله { إنا أحللنا لك أزواجك } الآية قالت : فلم أكن أحل له لأني لم أهاجر كنت من الطلقاء أخرجه الترمذي وقال : حديث حسن ثم نسخ شرط الهجرة في التحليل { وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين } أي أحللنا لك امرأة مؤمنة ، وهبت نفسها لك بغير صداق فأما غير المؤمنة ، فلا تحل له إذا وهبت نفسها منه وهل تحل الكتابية بالمهر ، فذهب جماعة إلى أنها لا تحل له لقوله { وامرأة مؤمنة } فدل ذلك على أنه لا يحل له نكاح غير المسلمة ، وكان من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن النكاح ينعقد في حقه بمعنى الهبة من غير ولي ولا شهود ولا مهر لقوله { خالصة لك من دون المؤمنين } والزيادة على أربع ووجوب تخيير النساء واختلفوا في انعقاد النكاح بلفظ الهبة في حق الأمة فذهب أكثرهم إلى أنه لا ينعقد إلا بلفظ الإنكاح أو التزويج ، وهو قول سعيد بن المسيب والزهري ومجاهد وعطاء وبه قال ربيعة ومالك والشافعي : وقال إبراهيم النخعي وأهل الكوفة ، ينعقد بلفظ التمليك والهبة ، ومن قال بالقول الأول اختلفوا في نكاح النبي صلى الله عليه وسلم فذهب قوم إلى أنه كان ينعقد في حقه صلى الله عليه وسلم بلفظ الهبة ، لقوله تعالى { خالصة لك من دون المؤمنين } وذهب آخرون إلى أنه لا ينعقد إلا بلفظ الإنكاح أو التزويج ، كما في حق سائر الأمة لقوله تعالى { إن أراد النبي أن يستنكحها } وكان اختصاصه في ترك المهر لا في لفظ النكاح واختلفوا في التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهل كانت عنده امرأة منهم فقال ابن عباس ومجاهد : لم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها منه ولم يكن عنده امرأة إلا بعقد النكاح ، أو بملك يمين وقوله { إن وهبت نفسها } على سبيل الفرض والتقدير ، وقال آخرون : بل كانت عنده موهوبة ، واختلفوا فيها فقال الشعبي هي زينب بنت خزيمة الأنصارية الهلالية أم المساكين ، وقال قتادة هي ميمونة بنت الحارث وقال علي بن الحسين والضحاك ومقاتل هي أم شريك بن جابر : من بني أسد وقال عروة بن الزبير : هي خولة بنت حكيم من بني سليم . وقوله تعالى { قد علمنا ما فرضنا عليهم } أي أوجبنا على المؤمنين { في أزواجهم } أي من الأحكام وهو أن لايتزوجوا أكثر من أربع ولا يتزوجوا إلا بولي وشهود ومهر { وما ملكت أيمانهم } أي ما أوجبنا من الأحكام في ملك اليمين { لكيلا يكون عليك حرج } وهذا يرجع إلى أول الآية معناه أحللنا لك أزواجك وما ملكت يمينك والموهوبة لكي لا يكون عليك ضيق { وكان الله غفوراً } أي للواقع في الحرج { رحيماً } أي بالتوسعة على عباده .