Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 23-31)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } يعني أذن الله له في الشفاعة قاله تكذيباً للكفار حيث قالوا : هؤلاء شفعاؤنا عند الله وقيل : يجوز أن يكون المعنى إلا لمن أذن الله في أن يشفع له { حتى إذا فزع عن قلوبهم } معناه كشف الفزع وأخرج عن قلوبهم قيل هم الملائكة وسبب ذلك من غشية تصيبهم عند سماع كلام الله تعالى خ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها " فإذا فزع عن قلوبهم { قالوا ماذا قال ربكم قالوا } الذي قال { الحق وهو العلي الكبير } وللترمذي " إذا قضى الله في السماء أمراً ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاً لقوله كأنه سلسة على صفوان ، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا : ما ذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير " قال الترمذي حديث حسن صحيح قوله : خضعاً جمع خاضع وهو المنقاد المطمئن والصفوان الحجر الأملس عن ابن مسعود رضي الله عنه قال " إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات صلصلة كجر السلسلة على الصفاة ، فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل فإذا جاء فزع عن قلوبهم فيقولون يا جبريل ماذا قال ربك ؟ فيقول الحق فيقولون الحق " أخرجه أبو داود . الصلصلة صوت الأجراس الصلبة بعضها على بعض ، وقيل : إنما يفزعون حذراً من قيام الساعة ، قيل كانت الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام خمسمائة سنة أو ستمائة ، لم تسمع الملائكة فيها صوت وحي فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم كلم جبريل بالرسالة إلى محمد صلى الله عليه وسلم فلما سمعت الملائكة ظنوا أنها الساعة ، لأن محمداً صلى الله عليه وسلم ، عند أهل السموات من أشراط الساعة ، فصعقوا مما سمعوا خوفاً من قيام الساعة فلما انحدر جبريل جعل يمر بأهل كل سماء ، فيكشف عنهم فيرفعون رؤوسهم ويقول بعضهم لبعض : ماذا قال ربكم : قالوا الحق يعني الوحي وهو العلي الكبير وقيل : الموصوفون بذلك هم المشركون وقيل إذا كشف الفزع عن قلوبهم عند نزول الموت قالت الملائكة لهم ماذا قال ربكم في الدنيا لإقامة الحجة عليهم ؟ قالوا : الحق فأقروا به حين لم ينفعهم الإقرار وهو العلي الكبير أي ذو العلو والكبرياء . قوله عز وجل { قل من يرزقكم من السموات والأرض } يعني المطر والنبات { قل الله } يعني إن لم يقولوا إن رزاقنا هو الله فقل : أنت إن رازقكم هو الله { وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين } معناه ما نحن وأنتم على أمر واحد بل أحد الفريقين مهتد والآخر ضال ، وهذا ليس على طريق الشك بل جهة الإلزام والإنصاف في الحجاج ، كما يقول القائل أحدنا كاذب ، وهو يعلم أنه صادق وصاحبه كاذب فالنبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه على الهدى ومن خالفه في ضلال فكذبهم من غير أن يصرح بالتكذيب ومنه بيت حسان : @ أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء @@ وقيل أو بمعنى الآية إنا لعلى هدى وإنكم لفي ضلال مبين { قل لا تسألون عما أجرمنا } أي تؤاخذون به { ولا نسأل عما تعملون } أي من الكفر والتكذيب وقيل أراد بالإجرام الصغائر والزلات التي لا يخلو منها مؤمن وبالعمل الكفر والمعاصي العظام { قل يجمع بيننا ربنا } أي يوم القيامة { ثم يفتح } يعني يقضي ويحكم { بيننا بالحق } يعني بالعدل { وهو الفتاح } يعني القاضي { العليم } يعني بما يقضي { قل أروني } أعلموني { الذين ألحقتم به } يعني بالله { شركاء } يعني الأصنام التي أشركوها معه في العبادة هل يخلقون أو يرزقون وأراد بذلك أن يريهم الخطأ العظيم في إلحاق الشركاء بالله { كلا } كلمة ردع لهم عن مذهبهم والمعنى أرتدعوا فإنهم لا يخلقون ولا يرزقون { بل هو الله العزيز } أي الغالب على أمره { الحكيم } أي تدبير خلقه فأنى يكون له شريك في ملكه . قوله عز وجل { وما أرسلناك إلا كافة للناس } يعني للناس كلهم عامة أحمرهم وأسودهم عربيهم وعجميهم وقيل الرسالة عامة لهم لأنها إذا شملتهم فقد كفتهم أن يخرج منها أحد ق عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي ، نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهور ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة " في الحديث بيان الفضائل التي خص الله بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم دون سائر الأنبياء ، وأن هذه الخمسة لم تكن لأحد ممن كان قبله من الأنبياء ، وفيه اختصاصه بالرسالة العامة لكافة الخلق الإنس والجن وكان النبي قبله يبعث إلى قومه أو إلى أهل بلده فعمت رسالة نبينا صلى الله عليه سلم ، جميع الخلق وهذه درجة خص بها دون سائر الأنبياء عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام ، وقيل في المعنى كافة أي كافأتكفهم عما هم عليه من الكفر فتكون الهاء للمبالغة { بشيراً } أي لمن آمن بالجنة { ونذيراً } أي لمن كفر بالنار { ولكن أكثر الناس لا يعلمون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين } يعني يوم القيامة { قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون ساعة ولا تستقدمون } معناه لا تتقدمون على يوم القيامة وقيل : عن يوم الموت ولا تتأخرون عنه بأن يزاد في آجالهم أو ينقص منها { وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه } يعني التوراة والإنجيل { ولو ترى } أي يا محمد { إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول } معناه ولو ترى في الآخرة موقفهم وهم يتجاذبون أطراف المحاورة ويتراجعونها بينهم لرأيت العجب { يقول الذين استضعفوا } وهم الأتباع { للذين استكبروا } وهو القادة والأشراف { لولا أنتم لكنا مؤمنين } يعني أنتم منعتمونا عن الإيمان بالله ورسوله .