Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 11-19)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { والله خلقكم من تراب } يعني آدم { ثم من نطفة } يعني ذريته { ثم جعلكم أزواجاً } يعني أصنافاً ذكراناً واناثاً وقيل زوج بعضكم بعضاً { وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر } يعني لا يطول عمر أحد { ولا ينقص من عمره } يعني عمر آخر ، وقيل ينصرف إلى الأول قال سعيد بن جبير ، مكتوب في أم الكتاب عمر فلان كذا وكذا سنة ، ثم يكتب أسفل من ذلك ذهب يوم ذهب يومان ، ذهب ثلاثة أيام حتى ينقطع عمره ، وقيل معناه لا يطول عمر إنسان ولا يقصر إلا في كتاب قال كعب الأحبار حين حضرت عمر الوفاة والله لو دعا عمر به أن يؤخر أجله لأخر ، فقيل له إن الله تعالى يقول { فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } [ الأَعراف : 34 ] قال : هذا إذا حضر الأجل فأما قبل ذلك فيجوز أن يزاد ذلك وقرأ هذه الآية { إلا في كتاب } يعني اللوح المحفوظ { إن ذلك على الله يسير } أي كتابة الآجال والأعمال على الله هين . قوله تعالى { وما يستوي البحران } يعني العذب والمالح ثم وصفهما فقال { هذا عذب فرات } أي طيب يكسر العطش { سائغ شرابه } أي سهل في الحلق هنيء مريءٍ { وهذا ملح أجاج } أي شديد الملوحة يحرق الحلق بملوحته وقيل هو المر { ومن كل } يعني من البحرين { تأكلون لحماً طرياً } يعني السمك { وتستخرجون } يعني من الملح دون العذب { حلية تلبسونها } يعني اللؤلؤ والمرجان وقيل نسب اللؤلؤ إليهما لأنه يكون في البحر المالح عيون عذبة فتمتزج بالملح فيكون اللؤلؤ منهما { وترى الفلك فيه مواخر } يعني جواري مقبلة ومدبرة بريح واحدة { لتبتغوا من فضله } يعني بالتجارة { ولعلكم تشكرون } يعني تشكرون الله على نعمه { يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه } يعني الأصنام { ما يملكون من قطمير } هو لفافة النواة وهي القشرة الرقيقة التي تكون على النواة { إن تدعوهم } يعني الأصنام { لا يسمعوا دعاءكم } يعني أنهم جماد { ولو سمعوا } أي على سبيل الفرض والتمثيل { ما استجابوا لكم } أي ما أجابوكم وقيل ما نفعوكم { يوم القيامة يكفرون بشرككم } أي يتبرؤون منكم ومن عبادتكم إياها { ولا ينبئك مثل خبير } يعني نفسه أي لا ينبئك أحد مثلي لأني عالم بالأشياء قوله تعالى { يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله } يعني إلى فضله وإحسانه والفقير المحتاج إلى من سواه والخلق كلهم محتاجون إلى الله فهم الفقراء { والله هو الغني } عن خلقه لا يحتاج إليهم { الحميد } يعني المحمود في إحسانه إليهم المستحق بإنعامه عليهم أن يحمدوه { إن يشأ يذهبكم } لاتخاذكم أنداداً وكفركم بآياته { ويأت بخلق جديد } يعني يخلق بعدكم من يعبده ولا يشرك به شيئاً { وما ذلك على الله بعزيز } أي يمتنع { ولا تز وازرة وزر أخرى } يعني أن كل نفس يوم القيامة لا تحمل إلا وزرها الي اقترفته لا تؤاخذ بذنب غيرها فان قلت كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم . قلت هذه الآية في الضالين وتلك في المضلين أنهم يحملون أثقال من أضلوه من الناس مع أثقال أنفسهم وذلك كله من كسبهم { وإن تدع مثقلة إلى حملها } معناه وإن تدع نفس مثقلة بذنوبها إلى حمل ذنوب غيرها { ولا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى } يعني ولو كان المدعو ذا قرابة كالأب والأم والابن والأخ قال ابن عباس يعلق الأب والأم بالابن فيقول يا بني احمل عني بعض ذنوبي فيقول لا أستطيع حسبي ما علي { إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب } يعني يخافون ربهم { بالغيب } يعني لم يروه والمعنى وإنما ينفع إنذارك الذين يخشون ربهم بالغيب { وأقاموا الصلاة ومن تزكى } يعني أصلح وعمل خيراً { فإنما يتزكى لنفسه } يعني لها ثوابه { وإلى الله المصير وما يستوي الأعمى والبصير } يعني الجاهل والعالم وقيل الأعمى عن الهدى وهو الشرك والبصير بالهدى وهو المؤمن .