Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 30-33)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } قال أهل التحقيق كمال الإنسان أن يعرف الحق لذاته لأجل العمل به ، ورأس المعرفة اليقينية معرفة الله تعالى وإليه الإشارة بقوله { إن الذين قالوا ربنا الله } ورأس الأعمال الصالحة أن يكون الإنسان مستقيماً في الوسط غير مائل إلى طرفي الإفراط والتفريط فتكون الاستقامة في أمر الدين والتوحيد فتكون في الأعمال الصالحة . سئل أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه عن الاستقامة فقال : أن لا تشرك بالله شيئاً وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي ولا تروغ روغان الثعلب . وقال عثمان رضي الله تعالى عنه : استقاموا أخلصوا في العمل ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : أدوا الفرائض ، وهو قول ابن عباس . وقيل استقاموا على أمر الله فعملوا بطاعته واجتنبوا معاصيه ، وقيل : استقاموا على شهادة أن لا إله إلا الله حتى لحقوا بالله وكان الحسن إذا تلا هذه الآية قال اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة { تتنزل عليهم الملائكة } قال ابن عباس عند الموت وقيل إذا قاموا من قبورهم وقيل البشرى تكون في ثلاثة مواطن عند الموت وفي القبر وعند البعث { أن لا تخافوا } أي من الموت وقيل لا تخافوا على ما تقدمون عليه من أمر الآخرة { ولا تحزنوا } أي على ما خلفتم من أهل وولد فإنا نخلفكم في ذلك كله وقيل لا تخافوا من ذنوبكم ولا تحزنوا فأنا أغفرها لكم { وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم } أي تقول الملائكة عند نزولهم بالبشرى نحن أولياؤكم أي أنصاركم وأحباؤكم وقيل تقول لهم الحفظة نحن كنا معكم { في الحياة الدنيا و } نحن أولياؤكم { في الآخرة } لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة { ولكم فيها } أي في الجنة { ما تشتهي أنفسكم } أي من الكرامات واللذات { ولكم فيها ما تدعون } أي تتمنون { نزلاً } أي رزقاً والنزل رزق النزيل والنزيل هو الضيف { من غفور رحيم } قال أهل المعاني كل هذه الأشياء المذكورة في هذه الآية جارية مجرى النزل والكريم إذا أعطى هذا النزل فما ظنك بما بعده من الألطاف و الكرامة . قوله تعالى : { ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله } أي إلى طاعة الله تعالى وقيل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وقيل : هو المؤمن أجاب الله تعالى فيما دعاه إليه ودعا الناس إلى ما أجاب إليه { وعمل صالحاً } في إجابته وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها : أرى أن هذه الآية نزلت في المؤذنين وقيل إن كل من دعا إلى الله تعالى بطريق من الطرق فهو داخل في هذه الآية . وللدعوة إلى الله تعالى مراتب : الأولى : دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إلى الله تعالى بالمعجزات وبالحجج والبراهين وبالسيف وهذه المرتبة لم تتفق لغير الأنبياء . المرتبة الثانية : دعوة العلماء إلى الله تعالى بالحجج والبراهين فقط والعلماء أقسام علماء بالله وعلماء بصفات الله وعلماء بأحكام الله . المرتبة الثالثة : دعوة المجاهدين إلى الله تعالى بالسيف فهم يجاهدون الكفار حتى يدخلوا في دين الله وطاعته . المرتبة الرابعة : دعوة المؤذنين إلى الصلاة فهم أيضاً دعاة إلى الله تعالى وإلى طاعته ، وعمل صالحاً ، قيل : العمل الصالح على قسمين قسم يكون من أعمال القلوب وهو معرفة الله تعالى وقسم يكون بالجوارح وهو سائر الطاعات وقيل : وعمل صالحاً صلى ركعتين بين الأذان والإقامة ق . عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة وقال في الثالثة لمن شاء " عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد " أخرجه أبو داود والترمذي ، وقال هذا حديث حسن . { وقال إنني من المسلمين } قيل ليس الغرض منه القول فقط بل يضم إليه اعتقاد القلب فيعتقد بقلبه دين الإسلام مع التلفظ به .