Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 76, Ayat: 1-2)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عز وجل : { هل أتى } أي قد أتى { على الإنسان } يعني آدم عليه الصلاة والسلام { حين من الدهر } يعني مدة أربعين سنة وهو من طين ملقى م عن أنس رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لما صور الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل إبليس يطوف به وينظر إليه فلما رآه أجوف عرف أنه خلف لا يتمالك " قوله يطوف أي يدور حوله فلما رآه أجوف أي صاحب جوف وقيل هو الذي داخله خال قوله عرف أنه خلق لا يتمالك ، أي لا يملك نفسه ويحبسها عن الشهوات ، وقيل لا يملك دفع الوسواس عنه ، وقيل لا يملك نفسه عند الغضب . وروي في تفسير الآية أن آدم بقي أربعين سنة طيناً ، وبقي أربعين سنة حمأ مسنوناً وأربعين سنة صلصالاً كالفخار فتم خلقه بعد مائة وعشرين سنة { لم يكن شيئاً مذكوراً } أي لا يذكر ولا يعرف ولا يدري ما اسمه ، ولا ما يراد به وذلك قبل أن ينفخ فيه الروح كان شيئاً ولم يكن شيئاَ يذكر . روي عن عمر أنه سمع رجلاً يقرأ هذه الآية : لم يكن شيئاً مذكوراً فقال عمر ليتها تمت يعني ليته بقي على ما كان عليه ويروى نحوه عن أبي بكر وابن مسعود ، وقيل المراد بالإنسان جنس الإنسان وهم بنو آدم بدليل قوله { إنا خلقنا الإنسان } فالإنسان في الموضعين واحد فعلى هذا يكون معنى قوله حين من الدهر طائفة من الدهر غير مقدرة لم يكن شيئاً مذكوراً يعني أنهم كانوا نطفاً في الأصلاب . ثم علقاً ، ومضغاً في الأرحام لم يذكروا بشيء إنا خلقنا الإنسان يعني ولد آدم { من نطفة } أي مني الرجل ومني المرأة { أمشاج } أي أخلاط قال ابن عباس وغيره : يعني ماء الرجل ، وماء المرأة يختلطان في الرحم فيكون منهما الولد فماء الرجل أبيض غليظ ، وماء المرأة أصفر رقيق فأيهما علا صاحبه كان الشبه له وما كان من عصب ، وعظم فمن نطفة الرجل ، وما كان من لحم ودم وشعر فمن ماء المرأة ، وقيل الأمشاج اختلاف ألوان النطفة ، فنطفة الرجل بيضاء ونطفة المرأة صفراء . وكل لونين اختلطا فهو أمشاج . وقال ابن مسعود : هي العروق التي تكون في النطفة ، وقيل هي نطفة مشجت أي خلطت بدم وهو دم الحيض فإذا حبلت المرأة ارتفع دم الحيض ، وقيل الأمشاج أطوار الخلق نطفة ثم علقة ثم مضغة ، ثم عظما ثم يكسوه لحماً ثم ينشئه خلقاً آخر ، وقيل إن الله تعالى جعل في النطفة أخلاطاً من الطبائع التي تكون في الإنسان من الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة فعلى هذا يكون التقدير من نطفة ذات أمشاج . { نبتليه } أي لنختبره بالأمر والنهي { فجعلناه سميعاً بصيراً } قيل فيه تقديم وتأخير تقديره فجعلناه سميعاً بصيراً لنبتليه لأن الابتلاء لا يقع إلا بعد تمام الخلقة ، وقيل معناه إنا خلقنا الإنسان من هذه الأمشاج للابتلاء والامتحان ثم ذكر أنه أعطاه ما يصح معه الابتلاء ، وهو السمع والبصر وهما كنايتان عن الفهم والتمييز وقيل المراد بالسمع والبصر الحاستان المعروفتان ، وإنما خصهما بالذكر لأنهما أعظم الحواس وأشرفها .