Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 81, Ayat: 14-22)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ علمت نفس ما أحضرت } يعني عند ذلك تعمل كل نفس ما أحضرت من خير ، أو شر وهذا جواب لقوله إذا الشّمس كورت إلى هنا . قوله عز وجل : { فلا أقسم } لا زائدة والمعنى أقسم ، وقد تقدم ذلك في قوله { لا أقسم بيوم القيامة } [ القيامة : 1 ] . { بالخنس الجوار الكنس } يعني النّجوم تبدو بالليل ، فتظهر ، وتخنس بالنهار تحت نور الشّمس ، ونحو هذا المعنى روي عن علي بن أبي طالب ، وقيل هي النّجوم الخمسة زحل ، والمشتري ، والمريخ ، والزهرة ، وعطارد ، تخنس في مجاريها ، أي ترجع وراءها في الفلك ، وتنكس ، أي تستر وقت اختفائها ، وقيل إنها تخنس ، أي تتأخر عن مطالعها ، والكنس معناه أنها لا ترى بالنهار ، وقيل هي الظباء ، وهي رواية عن ابن عباس ، وأصل الخنوس الرّجوع إلى وراء ، والكنوس هو أن تأوي إلى كناسها ، وهو الموضع الذي يأوي إليه الوحوش . { واللّيل إذا عسعس } أي أقبل بظلامه وقيل أدبر ، والعسعسة رقة الظّلام ، وذلك يكون في طرف الليل . { والصّبح إذا تنفس } أي أقبل وبدا أوله وقيل أسفر . وفي تنفسه قولان أحدهما : أن في إقبال الصبح روحاً ، ونسيماً فجعل ذلك نفساً على المجاز الثاني ، أنه شبه الليل بالمكروب المحزون ، فإذا تنفس وجد راحة ، فكأنه تخلص من الحزن ، فعبر عنه بالتنفس ، فهو استعارة لطيفة ، ولما ذكر المقسم به أتبعه بالمقسم عليه فقال تعالى : { إنه } يعني القرآن { لقول رسول كريم } يعني جبريل عليه الصلاة والسلام والمعنى أن جبريل نزل به عن الله عز وجل : { ذي قوة } وكان من قوته أنه اقتلع قرى قوم لوط الأربع من الماء الأسود ، وحملها على جناحه ، فرفعها إلى السماء ، ثم قلبها ، وأنه أبصر إبليس يكلم عيسى عليه الصلاة والسلام على بعض عقاب الأرض المقدسة ، فنفحه بجناحه نفحة ألقاه إلى أقصى جبل بالهند ، وأنه صاح صيحة بثمود ، فأصبحوا جاثمين ، وأنه يهبط من السّماء إلى الأرض ، ثم يصعد في أسرع من رد الطّرف { عند ذي العرش مكين } أي في المنزلة والجاه { مطاع ثم } أي في السموات تطيعه الملائكة ، ومن طاعة الملائكة له أنهم فتحوا أبواب السّموات ليلة المعراج بقوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفتح خزنة الجنة أبوابها بقوله { أمين } يعني على وحي الله تعالى إلى أنبيائه { وما صاحبكم } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم يخاطب كفار مكة { بمجنون } وهذا أيضاً من جواب القسم أقسم على أن القرآن نزل به جبريل وأن محمداً صلى الله عليه وسلم ليس بمجنون كما يقول أهل مكة ، وذلك أنهم قالوا إنه مجنون ، وأن ما يقوله ليس هو إلا من عند نفسه فنفى الله عنه الجنون ، وكون القرآن من عند نفسه .