Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 89, Ayat: 1-3)

Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله عزّ وجلّ : { والفجر } أقسم الله عزّ وجلّ بالفجر وما بعده لشرفها وما فيها من الفوائد الدينية وهي أنها دلائل باهرة ، وبراهين قاطعة ، على التوحيد ، وفيها من الفوائد الدنيوية أنها تبعث على الشكر . واختلفوا في معاني هذه الألفاظ ، فروي عن ابن عباس ، أنه قال : الفجر هو انفجار الصبح في كل يوم ، أقسم الله تعالى به لما يحصل فيه من انقضاء الليل ، وظهور الضوء ، وانتشار الناس ، وسائر الحيوانات في طلب الأرزاق ، وذلك يشبه نشر الموتى من قبورهم للبعث . وعن ابن عباس أيضاً أنه صلاة الفجر ، والمعنى أنه أقسم بصلاة الفجر لأنها مفتتح النهار ، ولأنها مشهودة يشهدها ملائكة الليل ، وملائكة النهار ، وقيل إنه فجر معين . واختلفوا فيه ، فقيل هو فجر أول يوم من المحرم ، لأن منه تنفجر السنة وقيل هو فجر ذي الحجة ، لأنه قرن به الليالي العشر ، وقيل هو فجر يوم النحر ، لأن فيه أكثر مناسك الحج ، وفيه القربات . { وليال عشر } قيل إنما نكرها لما فيها من الفضل ، والشرف الذي لا يحصل في غيرها . روي عن ابن عباس أنها العشر الأول من ذي الحجة لأنها أيام الاشتغال بأعمال الحج ، وأخرج الترمذي عن ابن عباس أن رسول الله قال : " ما من أيام العمل فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر " ، وذكر الحديث ، وروي عن ابن عباس قال : هي العشر الأواخر من رمضان ، لأن فيها ليلة القدر ، ولأن رسول الله كان إذا دخل العشر الأخير من رمضان أحيا ليله ، وشد مئزره ، وأيقظ أهله ، يعني للعبادة وقيل هي العشر الأول من المحرم ، وهو تنبيه على شرفه ، ولأن فيه يوم عاشوراء . { والشفع والوتر } قيل الشفع هو الخلق ، والوتر هو الله تعالى يروى ذلك عن أبي سعيد الخدري ، وقيل الشفع هو الخلق كالإيمان والكفر ، والهدى ، والضلالة ، والسعادة ، والشقاوة ، والليل ، والنهار ، والأرض ، والسماء ، والشمس ، والقمر ، والبر ، والبحر ، والنور ، والظلمة ، والجن ، والإنس . والوتر هو الله تعالى ، وقيل الخلق كله فيه شفع وفيه وتر . وقيل هما الصلوات منها شفع ومنها وتر عن عمران بن حصين رضي الله عنه " أن رسول الله سئل عن الشفع والوتر قال : هي الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر " أخرجه الترمذي . وقال : حديث غريب وعن ابن عباس قال : الشفع صلاة الغداة ، والوتر صلاة المغرب ، وعن عبد الله بن الزبير قال : الشفع النفر الأول ، والوتر النفر الأخير ، وروي أن رجلاً سأله عن الشفع ، والوتر ، والليالي العشر فقال : أما الشفع والوتر فقول الله عزّ وجلّ : { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه } [ البقرة : 203 ] فهما الشفع والوتر ، وأما الليالي العشر فالثمان ، وعرفة والنحر ، وقيل الشفع الأيام ، والليالي والوتر اليوم الذي لا ليلة معه ، وهو يوم القيامة ، وقيل الشفع درجات الجنة لأنها ثمان ، والوتر دركات النار لأنها سبع ، فكأنه أقسم بالجنة ، والنار . وقيل الشفع أوصاف المخلوقين المتضادة ، مثل العز ، والذل ، والقدرة ، والعجز ، والقوة ، والضعف ، والغنى ، والفقر ، والعلم ، والجهل ، والبصر ، والعمى ، والموت ، والحياة ، والوتر ، صفات الله تعالى التي تفرد بها عزّ بلا ذل ، وقدرة بلا عجز ، وقوة بلا ضعف ، وغنى بلا فقر ، وعلم بلا جهل ، وحياة بلا موت .