Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 97, Ayat: 3-5)
Tafsir: Lubāb at-taʾwīl fī maʿānī at-tanzīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله عزّ وجلّ : { وما أدراك ما ليلة القدر } أي شيء يبلغ درايتك قدرها ومبلغ فضلها ، وهذا على سبيل التعظيم لها ، والتَّشويق إلى خيرها ثم ذكر فضلها من ثلاثة أوجه : فقال تعالى : { ليلة القدر خير من ألف شهر } قال ابن عباس : ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني إسرائيل حمل السّلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر ، فعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك ، وتمنى ذلك لأمته فقال : يا رب جعلت أمتي أقصر الأمم أعماراً ، وأقلها أعمالاً ، فأعطاه الله تبارك وتعالى ليلة القدر ، فقال ليلة القدر خير من ألف شهر التي حمل فيها الإسرائيلي السّلاح في سبيل الله لك ولأمتك إلى يوم القيامة ، وعن مالك أنه سمع من يثق به من أهل العلم أن النّبي صلى الله عليه وسلم أرى أعمار الناس قبله ، أو ما شاء الله من ذلك ، فكأنه تقاصر أعمار أمته أي لا يبلغوا من العمل مثل الذي يبلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر أخرجه مالك في الموطأ قال المفسرون : معناه العمل الصّالح في ليلة القدر خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، وإنما كان كذلك لما يريد الله تعالى فيها من المنافع والأرزاق وأنواع الخير والبركة . الوجه الثاني : من فضلها قوله عزّ وجلّ : { تنزل الملائكة } يعني إلى الأرض وسبب هذا أنهم لما قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها وظهر أن الأمر بخلاف ما قالوه وتبين حال المؤمنين وما هم عليه من الطاعة ، والعبادة ، والجد ، والاجتهاد نزلوا إليهم ليسلموا عليها ويعتذروا مما قالوه ، ويستغفروا لهم لما يرون من تقصير قد يقع من بعضهم { والروح } يعني جبريل عليه الصّلاة والسّلام قاله أكثر المفسرين : وفي حديث أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من الملائكة يصلون ، ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله عزّ وجلّ " ذكره ابن الجوزي ، وقيل إن الرّوح طائفة من الملائكة لا تراهم الملائكة إلا في تلك الليلة { فيها } أي في ليلة القدر { بإذن ربهم } أي بأمر ربهم { من كل أمر } أي بكل أمر من الخير والبركة ، وقيل بكل ما أمر به وقضاه من كل أمر . الوجه الثالث : من فضلها قوله تعالى : { سلام } أي سلام على أولياء الله وأهل طاعته قال الشّعبي : هو تسليم الملائكة في ليلة القدر على أهل المساجد من حين تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر ، وقيل الملائكة ينزلون فيها كلما لقوا مؤمناً أو مؤمنة يسلمون عليه من ربه عزّ وجلّ ، وقيل تم الكلام عند قوله { من كل أمر } ثم ابتدأ فقال تعالى : { سلام هي } يعني القدر سلامة وخير ليس فيها شر ، وقيل لا يقدر الله في تلك اللّيلة ولا يقضي إلا السلامة ، وقيل إن ليلة القدر سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءاً أو يحدث فيها أذى { حتى مطلع الفجر } أي أن ذلك السّلام أو السّلامة تدوم إلى مطلع الفجر ، والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده .