Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 108-109)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الحق : القرآن ، أو الرسول ، أو دين الإسلام ، ثلاثة أقوال والمعنى : فإنما ثواب هدايته حاصل له ، ووبال ضلاله عليه ، والهداية والضلال واقعان بإرادة الله تعالى من العبد ، هذا مذهب أهل السنة . وأن من حكم له في الأزل بالاهتداء فسيقع ذلك ، وأنَّ من حكم له بالضلال فكذلك ولا حيلة في ذلك . وقال القاضي : إنه تعالى بيّن أنه أكمل الشريعة وأزاح العلة وقطع المعذرة ، فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ، ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل ، فلا يجب عليّ من السعي في إيصالكم إلى الثواب العظيم ، وفي تخليصكم من العذاب الأليم ، أزيد مما فعلت . وقال الزمخشري : لم يبق لكم عذر ولا على الله تعالى حجة ، فمن اختار الهدى واتباع الحق فما نفع باختياره إلا نفسه ، ومن آثر الضلال فما ضر إلا نفسه . واللام وعلى على معنى النفع والضر ، وكل إليهم الأمر بعد إزاحة العلل وإبانة الحق . وفيه حث على إتيان الهدى واطراح الضلال مع ذلك ، وما أنا عليكم بوكيل بحفيظ موكول إليّ أمركم وحملكم على ما أريد ، إنما أنا بشير ونذير انتهى . وكلامه تذييل كلام القاضي ، وهو جار على مذهب المعتزلة . وأمره تعالى نبيه باتباع ما يوحى إليه أمر بالديمومة وبالصبر على ما ينالك في الله من أذى الكفار وإعراضهم ، وغيا الأمر بالصبر بقوله : حتى يحكم الله وهو وعد منه تعالى بإعلاء كلمته ونصره على أعدائه كما وقع . وذهب ابن عباس وجماعة إلى أنّ قوله : وما أنا عليكم بوكيل واصبر ، منسوخ بآية السيف . وذهب جماعة إلى أنه محكم ، وحملوا وما أنا عليكم بوكيل على أنه ليس بحفيظ على أعمالهم ليجازيهم عليها ، بل ذلك لله . وقوله : واصبر على ، الصبر على طاعة الله وحمل أثقال النبوة وأداء الرسالة ، وعلى هذا لا تعارض بين هاتين الآيتين وبين آية السيف ، وإلى هذا مال المحققون . وروي أنه لما نزلت : واصبر ، " جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار فقال : إنكم ستجدون بعدي اثرة فاصبروا حتى تلقوني " قال الزمخشري : يعني أنّي أمرت في هذه الآية بالصبر على ما سامني الكفرة ، فصبرت واصبروا أنتم على ما يسومكم الأمراء الجورة . قال أنس : فلم نصبر ، ثم ذكر حكاية جرت بين أبي قتادة ومعاوية رضي الله عنهما يوقف عليها من كتابه .