Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 37-37)
Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما تقدم قولهم : { ائت بقرآن غير هذا أو بدله } [ يونس : 15 ] وكان من قولهم : إنه افتراه قال تعالى : وما كان هذا القرآن أن يفتري أي : ما صح ، ولا استقام أن يكون هذا القرآن المعجزة مفترى . والإشارة بهذا فيها تفخيم المشار إليه وتعظيمه ، وكونه جامعاً للأوصاف التي يستحيل وجودها فيه أن يكون مفترى . والظاهر أنّ أنْ يفتري هو خبر كان أي : افتراء ، أي : ذا افتراء ، أو مفترى . ويزعم بعض النحويين أنّ أنْ هذه هي المضمرة بعد لام الجحود في قولك : ما كان زيد ليفعل ، وأنه لما حذفت اللام أظهرت أنْ وأنّ اللام وأن يتعاقبان ، فحيث جيء باللام لم تأت بأن بل تقدرها ، وحيث حذفت اللام ظهرت أنْ . والصحيح أنهما لا يتعاقبان ، وأنه لا يجوز حذف اللام وإظهار أن إذ لم يقم دليل على ذلك . وعلى زعم هذا الزاعم لا يكون أنْ يفتري خبراً لكان ، بل الخبر محذوف . وأن يفترى معمول لذلك الخبر بعد إسقاط اللام ، ووقعت لكنْ هنا أحسن موقع إذ كانت بين نقيضين وهما : الكذب والتصديق المتضمن الصدق ، والذي بين يديه الكتب الإلهية المتقدمة قاله ابن عباس كما جاء مصدّقاً لما معكم . وعن الزجاج الذي بين يديه أشراط الساعة ، ولا يقوم البرهان على قريش إلا بتصديق القرآن ما في التوراة والإنجيل ، مع أن الآتي به يقطعون أنه لم يطالع تلك الكتب ولا غيرها ، ولا هي في بلده ولا قومه ، لا بتصديق الاشراط ، لأنهم لم يشاهدوا شيئاً منها . وتفصيل الكتاب تبيين ما فرض وكتب فيه من الأحكام والشرائع . وقرأ الجمهور : تصديق وتفصيل بالنصب ، فخرجه الكسائي والفراء ومحمد بن سعدان والزجاج على أنه خبر كان مضمرة أي : ولكن كان تصديق أي مصدقاً ومفصلاً . وقيل : انتصب مفعولاً من أجله ، والعامل محذوف ، والتقدير : ولكن أنزل للتصديق . وقيل : انتصب على المصدر ، والعامل فيه فعل محذوف . وقرأ عيسى بن عمر : تفصيل وتصديق بالرفع ، وفي يوسف خبر مبتدأ محذوف أي : ولكن هو تصديق . كما قال الشاعر : @ ولست الشاعر السفساف فيهم ولكن مده الحرب العوالي @@ أي ولكن أنا . وزعم الفراء ومن تابعه أنّ العرب إذا قالت ولكن بالواو آثرت تشديد النون ، وإذا لم تكن الواو آثرت التخفيف . وقد جاء في السبعة مع الواو التشديد والتخفيف ، ولا ريب فيه داخل في حيز الاستدراك كأنه قيل : ولكن تصديقاً وتفصيلاً منتفياً عنه الريب ، كائناً من رب العالمين . قال الزمخشري : ويجوز أن يراد ولكن كان تصديقاً من رب العالمين وتفصيلاً منه في ذلك ، فيكون من رب العالمين متعلقاً بتصديق وتفصيل ، ويكون لا ريب فيه اعتراضاً كما تقول : زيد لا شك فيه كريم انتهى . فقوله : فيكون من رب العالمين متعلقاً بتصديق وتفصيل ، إنما يعني من جهة المعنى ، وأما من جهة الإعراب فلا يكون إلا متعلقاً بأحدهما ، ويكون من باب الأعمال وانتفاء الريب عنه على ما بيَّن في البقرة في قوله : { ذلك الكتاب لا ريب فيه } [ البقرة : 2 ] وجمع بينه وبين قوله : { وإن كنتم في ريب مما نزلنا } [ البقرة : 23 ]