Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 42-44)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال ابن عباس : نزلت الآيتان في النضر بن الحرث وغيره من المستهزئين . وقال ابن الأنباري : في قوم من اليهود انتهى . وهذه الآية فيها تقسيم من لا يؤمن من الكفار إلى هذين القسمين بعد تقسيم المكذبين إلى من يؤمن ومن لا يؤمن ، والضمير في يستمعون عائد على معنى مَن ، والعود على المعنى دون العود على اللفظ في الكثرة وهو كقوله : { ومن الشياطين من يغوصون له } [ الأنبياء : 82 ] والمعنى : من يستمعون إليك إذا قرأت القرآن وعلمت الشرائع ، ثم نفى جدوى ذلك الاستماع بقوله : أفأنت تسمع الصم أي هم ، وإن استمعوا إليك صم عن إدراك ما تلقيه إليهم ليس لهم وعي ولا قبول ، ولا سيما قد انضاف إلى الصمم انتفاء العقل ، فحري بمن عدم السمع والعقل أن لا يكون له إدراك لشيء البتة ، بخلاف أنْ لو كان الأصم عاقلاً فإنه بعقله يهتدي إلى أشياء . وأعاد في قوله : ومنهم من ينظر إليك الضمير مفرداً مذكراً على لفظ من ، وهو الأكثر في لسان العرب . والمعنى : أنهم عمي فلا تقدر على هدايتهم ، لأن السبب الذي يهتدي به إلى رؤية الدلائل قد فقدوه ، هذا وهم مع فقد البصر قد فقدوا البصيرة ، إذ مَن كان أعمى فإنه مهديه نور بصيرته إلى أشياء بالحدس ، وهذا قد جمع بين فقدان البصر والبصيرة ، وهذا مبالغة عظيمة في انتفاء قبول ما يلقى إلى هؤلاء ، إذ جمعوا بين الصمم وانتفاء العقل ، وبين العمى وفقد البصيرة . وقوله : أفأنت : تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن لا يكترث بعدم قبولهم ، فإنّ الهداية إنما هي لله . قال ابن عطية : جاء ينظر على لفظ من ، وإذا جاء الفعل على لفظها فجائز أن يعطف عليه آخر على المعنى ، وإذا جاء أولاً على معناها فلا يجوز أن يعطف عليه بآخر على اللفظ ، لأن الكلام يلبس حينئذ انتهى . وليس كما قال ، بل يجوز أن تراعى المعنى أولاً فتعيد الضمير على حسب ما تريد من المعنى من تأنيث وتثنية وجمع ، ثم تراعي اللفظ فتعيد الضمير مفرداً مذكراً ، وفي ذلك تفصيل ذكر في علم النحو . والمقصود من الآيتين : إعلامه عليه السلام بأن هؤلاء الكفار قد انتهوا في النفرة والعداوة والبغض الشديد في رتبة من لا ينفع فيه علاج البتة ، لأنّ من كان أصم أحمق وأعمى فاقد البصيرة لا يمكن ذلك أن يقف على محاسن الكلام وما انطوى عليه من الإعجاز ، ولا يمكن هذا أن يرى ما أجرى الله على يدي رسوله من الخوارق ، فقد أيس من هداية هؤلاء . وقال الشاعر : @ وإذا خفيت على المعني فعاذر أن لا تراءى مقلة عمياء @@ ولما ذكر تعالى هؤلاء الأشقياء ، ذكر تعالى أنه لا يظلمهم شيئاً ، إذ قد أزاح عللهم ببعثة الرسل وتحذيرهم من عقابه ، ولكن هم ظالمو أنفسهم بالكفر والتكذيب . واحتمل هذا النفي للظلم أنْ يكون في الدنيا أي : لا يظلمهم شيئاً من مصالحهم ، واحتمل أن يكون في الآخرة وأن ما يلحقهم من العقاب هو عدل منه ، لأنهم هم الذين تسببوا فيه باكتساب ذنوبهم كما قدّر تعالى عليهم لا يسأل عما يفعل . وتقدم خلاف القراء في ، ولكنّ الناس من تشديد النون ونصب الناس وتخفيفها والرفع .