Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 55-56)
Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قيل : تعلق هذه الآية بما قبلها من جهة أنه فرض أنّ النفس الظالمة لو كان لها ما في الأرض لافتدت به ، وهي لاشيء لها البتة ، لأنّ جميع الأشياء إنما هي بأسرها ملك لله تعالى ، وهو المتصرف فيها ، إذ له الملك والملك . ويظهر أنّ مناسبتها لما قبلها أنه لما سألوا عما وعدوا به من العذاب أحق هو ؟ وأجيبوا بأنه حق لا محالة ، وكان ذلك جواباً كافياً لمن وفقه الله تعالى للإيمان ، كما كان جواباً للأعرابي حين سأل الرسول صلى الله عليه وسلم : آلله أرسلك ؟ قوله عليه السلام : « اللهم نعم » فقنع منه بإخباره صلى الله عليه وسلم إذ علم أنه لا يقول إلا الحق والصدق ، كما قال هرقل : لم يكن ليدع الكذب ويكذب على الله انتقل من هذا الجواب إلى ذكر البرهان القاطع على حجته . وتقريره بأن القول بالنبوة والمعاد يتفرعان على إثبات الإله القادر الحكيم ، وأنّ ما سواه فهو ملكه وملكه ، وعبر عن هذا بهذه الآية ، وكان قد استقصى الدلائل على ذلك في هذه السورة في قوله : { إن في اختلاف الليل والنهار } [ يونس : 6 ] الآية وقوله : { هو الذي جعل الشمس ضياء } [ يونس : 5 ] فاكتفى هنا عن ذكرها . وإذا كان جميع ما في العالم ملكه ، وملكه كان قادراً على كل الممكنات ، عالماً بكل المعلومات ، غنياً عن جميع الحاجات ، منزهاً عن النقائص والآفات ، وبكونه قادراً على الممكنات كان قادراً على إنزال العذاب على الكفار في الدنيا والآخرة ، وقادراً على تأييد رسوله بالدلائل وإعلاء دينه ، فبطل الاستهزاء والتعجيز . وبتنزيهه عن النقائص كان منزهاً عن الخلف والكذب ، فثبت أن قوله : ألا إن لله ما في السموات والأرض مقدمة توجب الجزم بصحة قوله . ألا إن وعد الله حق . وألا كلمة تنبيه دخلت على الجملتين تنبيهاً للغافل ، إذ كانوا مشغولين بالنظر إلى الأسباب الظاهرة من نسبة أشياء إلى أنها مملوكة لمن جعل له بعض تصرف فيها واستخلاف ، ولذلك قال تعالى : ولكن أكثرهم لا يعلمون يعني : لغفلتهم عن هذه الدئل ، ثم أتبع ذلك بذكر قدرته على الإحياء والإماتة . فيجب أن يكون قادراً على إحيائه مرة ثانية ، ولذلك قال : وإليه ترجعون ، فترون ما وعد به . وقرأ الحسن بخلاف عنه ، وعيسى ابن عمر : يرجعون بالياء على الغيبة . وقرأ الجمهور : بالتاء على الخطاب .