Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 90-92)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ الحسن وجوَّزنا بتشديد الواو ، وتقدّم الكلام في الباء في ببني إسرائيل ، وكم كان الذين جازوا مع موسى عليه السلام في سورة الأعراف . وقرأ الحسن وقتادة فاتبعهم بتشديد التاء . وقرأ الجمهور : وجاوزنا فاتبعهم رباعياً ، قال الزمخشري : وليس من جوز الذي في بيت الأعشى : @ وإذا تجـوزهـا جبـال قبيلـة @@ لأنه لو كان منه لكان حقه أن يقال : وجوزنا ببني إسرائيل في البحر كما قال : @ كمـا جـوز السبكـي في البـاب فينق @@ انتهى وقال الحوفي : تبع واتبع بمعنى واحد . وقال الزمخشري : فاتبعهم لحقهم ، يقال : تبعه حتى اتبعه . وفي اللوامح : تبعه إذا مشى خلفه ، واتبعه كذلك ، إلا أنه حاذاه في المشي واتبعه لحقه ، ومنه العامة يعني : ومنه قراءة العامة فاتبعهم وجنود فرعون قيل : ألف ألف وستمائة ألف . وقيل : غير ذلك . وقرأ الحسن : وعدوا على وزن علو ، وتقدمت في الإنعام . وعدوا وعدوّا من العدوان ، واتباع فرعون هو في مجاوزة البحر . روي أن فرعون لما انتهى إلى البحر فوجده قد انفرق ومضى فيه بنو إسرائيل قال لقومه : إنما انفلق بأمري ، وكان على فرس ذكر فبعث الله إليه جبريل عليه السلام على فرس أنثى ، ودنوا فدخل بها البحر ولج فرس فرعون ورآه وجنب الجيوش خلفه ، فلما رأى أنّ الانفراق ثبت له استمر ، وبعث الله ميكائيل عليه السلام يسوق الناس حتى حصل جميعهم في البحر فانطبق عليهم . وقرأ الجمهور : أنه بفتح الهمزة على حذف الباء . وقرأ الكسائي وحمزة : بكسرها على الاستئناف ابتداء كلام ، أو بدلاً من آمنت ، أو على إضمار القول أي : قائلاً إنه . ولما لحقه من الدهش ما لحقه كرر المعنى بثلاث عبارات ، إما على سبيل التلعثم إذ ذلك مقام تحار فيه القلوب ، أو حرصاً على القبول ولم يقبل الله منه إذ فاته وقت القبول وهو حالة الاختيار وبقاء التكليف ، والتوبة بعد المعاينة لا تنفع . ألا ترى إلى قوله تعالى : { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنت الله التي قد خلت في عباده } [ غافر : 85 ] وتقدم الخلاف في قراءة آلآن في قوله : { آلآن وقد كنتم } [ يونس : 51 ] والمعنى : أتؤمن الساعة في حال الاضطرار حين أدركك الغرق وأيست من نفسك ؟ قيل : قال ذلك حين ألجمه الغرق . وقيل : بعد أنْ غرق في نفسه . قال الزمخشري : والذي يحكى أنه حين قال : آمنت ، أخذ جبريل من حال البحر فدسه في فيه ، فللغضب في الله تعالى على حال الكافر في وقت قد علم أن إيمانه لا ينفعه . وأما ما يضم إليه من قولهم خشيت أن تدركه رحمة الله تعالى فمن زيادات الباهتين لله تعالى وملائكته ، وفيه جهالتان : إحداهما : أنّ الإيمان يصح بالقلب كإيمان الأخرس ، فحال البحر لا يمنعه . والآخر : أن من كره الإيمان للكافر وأحب بقاءه على الكفر فهو كافر ، لأنّ الرضا بالكفر كفر . والظاهر أن قوله : آلآن إلى آخره من كلام الله له على لسان ملك . فقيل : هو جبريل . وقيل : ميكائيل . وقيل : غيرهما ، لخطابه فاليوم ننجيك . وقيل : من قول فرعون في نفسه وإفساده وإضلاله الناس ، ودعواه الربوبية . { الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذاباً فوق العذاب بما كان يفسدون } [ النحل : 88 ] فاليوم ننجيك الظاهر أنه خبر . وقيل : هو استفهام فيه تهديد أي : أفاليوم ننجيك ؟ فهلا كان الإيمان قبل الإشراف على الهلاك ، وهذا بعيد لحذف همزة الاستفهام ولقوله : لتكون لمن خلفك لآية ، لأنّ التعليل لا يناسب هنا الاستفهام . قال ابن عباس : ننجيك نلقيك بنجوة من الأرض وهي المكان المرتفع ، وببدنك بدرعك ، وكان من لؤلؤ منظوم لا مثال له . وقيل : من ذهب . وقيل : من حديد وفيها سلاسل من ذهب . والبدن بدن الإنسان ، والبدن الدرع القصيرة . قال : @ ترى الأبدان فيها مسبغات على الأبطال والكلب الحصينا @@ يعني : الدروع . وقال عمرو بن معدي كرب : @ أعاذل شكتي بدني وسيفي وكل مقلص سلس القياد @@ وكانت له درع من ذهب يعرف بها ، وقيل : نلقيك ببدنك عرياناً ليس عليك ثياب ولا سلاح ، وذلك أبلغ في إهانته . وقيل : نخرجك صحيحاً لم يأكلك شيء من الدواب . وقيل : بدناً بلا روح قاله مجاهد . وقيل : نخرجك من ملكك وحيداً فريداً . وقيل : نلقيك في البحر من النجاء ، وهو ما سلخته عن الشاة أو ألقيته عن نفسك من ثياب أو سلاح . وقيل : نتركك حتى تغرق ، والنجاء الترك . وقيل : نجعلك علامة ، والنجاء العلامة . وقيل : نغرقك من قولهم : نجى البحر أقواماً إذا أغرقهم . وقال الكرماني : يحتمل أن يكون من النجاة وهو الإسراع أي : نسرع بهلاكك . وقيل : معنى ببدنك بصورتك التي تعرف بها ، وكان قصيراً أشقر أزرق قريب اللحية من القامة ، ولم يكن في بني إسرائيل شبيه له يعرفونه بصورته ، وببدنك إذا عنى به الجثة تأكيد كما تقول : قال فلان بلسانه وجاء بنفسه . وقرأ يعقوب : ننجيك مخففاً مضارع أنجى . وقرأ أبيّ ، وابن السميقع ، ويزيد البربري : ننحيك بالحاء المهملة من التنحية . ورويت عن ابن مسعود أي : نلقيك بناحية مما يلي البحر . قال كعب : رماه البحر إلى الساحل كأنه ثور . وقرأ أبو حنيفة : بأبدانك أي بدروعك ، أو جعل كل جزء من البدن بدناً كقولهم : شابت مفارقه . وقرأ ابن مسعود ، وابن السميقع : بندائك مكان ببدنك ، أي : بدعائك ، أي بقولك آمنت إلى آخره . لنجعلك آية مع ندائك الذي لا ينفع ، أو بما ناديت به في قومك . ونادى فرعون في قومه فحشر فنادى فقال : أنا ربكم الأعلى ، ويا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري . ولما كذبت بنو إسرائيل بغرق فرعون رمى به البحر على ساحله حتى رأوه قصيراً أحمر كأنه ثور . لمن خلفك لمن وراءك علامة وهم بنو إسرائيل ، وكان في أنفسهم أن فرعون أعظم شأناً من أن يغرق ، وكان مطرحه على ممر بني إسرائيل حتى قيل لمن خلفك آية . وقيل : لمن يأتي بعدك من القرون ، وقيل : لمن بقي من قبط مصر وغيرهم . وقرىء : لمن خلفك بفتح اللام أي : من الجبابرة والفراعنة ليتعظوا بذلك ، ويحذروا أن يصيبهم ما أصابك إذا فعلوا فعلك . ومعنى كونه آية : أن يظهر للناس عبوديته ومهانته ، أو ليكون عبرة يعتبر بها الأمم . وقرأت فرقة : لمن خلقك من الخلق وهو الله تعالى أي : ليجعلك الله آية له في عباده . وقيل : المعنى ليكون طرحك على الساحل وحدك ، وتمييزك من بين المغرقين لئلا يشتبه على الناس أمرك ، ولئلا يقولوا لادعائك العظمة : إنَّ مثله لا يغرق ولا يموت ، آية من آيات الله التي لا يقدر عليها غيره ، وإنَّ كثيراً من الناس ظاهره الناس كافة ، قاله الحسن . وقال مقاتل : من أهل مكة عن آياتنا أي : العلامات الدالة على الوحدانية وغيرها من صفنات العلى ، لغافلون لا يتدبرون ، وهذا خبر في ضمنه توعد .