Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 94-95)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الظاهر أنّ إنْ شرطية . وروي عن الحسن والحسين بن الفضل أنّ إنْ نافية . قال الزمخشري : أي مما كنت في شك فسئل ، يعني : لا نأمرك بالسؤال لأنك شاك ، ولكن لتزداد يقيناً كما ازداد إبراهيم عليه السلام بمعاينة إحياء الموتى انتهى . وإذا كانت إن شرطية فذكروا أنها تدخل على الممكن وجوده ، أو المحقق وجوده ، المنبهم زمان وقوعه ، كقوله تعالى : { أَفَإِيْن مِتَّ فهمُ الخالدون } [ الأنبياء : 34 ] والذي أقوله : إنّ إنْ الشرطية تقتضي تعليق شيء على شيء ، ولا تستلزم تحتم وقوعه ولا إمكانه ، بل قد يكون ذلك في المستحيل عقلاً كقوله تعالى : { قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين } [ الزخرف : 81 ] ومستحيل أن يكون له ولد ، فكذلك هذا مستحيل أن يكون في شك ، وفي المستحيل عادة كقوله تعالى : { فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية } [ الأنعام : 35 ] أي فافعل . لكنّ وقوع إن للتعليق على المستحيل قليل ، وهذه الآية من ذلك . ولما خفي هذا الوجه على أكثر الناس اختلفوا في تخريج هذه الآية ، فقال ابن عطية : الصواب أنها مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد بها سواه من كل من يمكن أن يشك أو يعارض انتهى . ولذلك جاء : { قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني } وقال قوم : الكلام بمنزلة قولك : إن كنت ابني فبرني ، وليس هذا المثال بجيد ، وإنما مثال هذه قوله تعالى لعيسى عليه السلام : { ءَأَنتَ قلت للناس } [ المائدة : 116 ] انتهى . وهذا القول مروي عن الفراء . قال الكرماني : واختاره جماعة ، وضعف بأنه يُصير تقدير الآية : أأنت في شك ؟ إذ ليس في الآية ما يدل على نفي الشك . وقيل : كنى هنا بالشك عن الضيق أي : فإن كنت في ضيق من اختلافهم فيما أنزل إليك وتعنتهم عليك . وقيل : كنى بالشاك عن العجب أي : فإن كنت في تعجب من عناد فرعون . ومناسبة المجاز أنّ التعجب فيه تردد ، كما أن الشك تردد بين أمرين . وقال الكسائي : معناه إن كنت في شك أنّ هذا عادتهم مع الأنبياء فسلهم كيف كان صبر موسى عليه السلام حين اختلفوا عليه ؟ وقال الزمخشري : فإن كنت في شك بمعنى العرض والتمثيل ، كأنه قيل : فإن وقع لك شك مثلاً وخيل لك الشيطان خيالاً منه تقديراً فسئل الذين يقرؤون الكتاب ، والمعنى : أن الله تعالى قدم ذكر بني إسرائيل وهم قرأة الكتاب ، ووصفهم بأن العلم قد جاءهم ، لأنّ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، فأراد أن يؤكد عليهم بصحة القرآن وصحة نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ، ويبالغ في ذلك فقال تعالى : فإن وقع لك شك فرضاً وتقديراً وسبيل من خالجته شبهة في الدين أن يسارع إلى حلها وإماطتها ، إما بالرجوع إلى قوانين الدين وأدلته ، وإما بمقادحة العلماء المنبهين على الحق انتهى . وقيل أقوال غير هذه ، وقرأ يحيـى وابراهيم : يقرؤون الكتب على الجمع . والحق هنا : الإسلام ، أو القرآن ، أو النبوة ، أو الآيات ، والبراهين القاطعة ، أقوال : فاثبت ودم على ما أنت فيه من انتفاء المرية والتكذيب ، والخطاب للسامع غير الرسول . وكثيراً ما يأتي الخطاب في ظاهره لشخص ، والمراد غيره ، وروي أنه عليه السلام قال : " لا أشك ولا أسأل بل أشهد أنه الحق " وعن ابن عباس : والله ما شك طرفة عين ، ولا سأل أحداً منهم . والامتراء التوقف في الشيء والشك فيه ، وأمره أسهل من أمر المكذب فبدىء به أولاً . فنهى عنه ، واتبع بذكر المكذب ونهى أن يكون منهم .