Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 101, Ayat: 1-11)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقال الجمهور : { القارعة } : القيامة نفسها ، لأنها تقرع القلوب بهولها . وقيل : صيحة النفخة في الصور ، لأنها تقرع الأسماع وفي ضمن ذلك القلوب . وقال الضحاك : هي النار ذات التغيظ والزفير . وقرأ الجمهور : { القارعة ما القارعة } بالرفع ، فما استفهام فيه معنى الاستعظام والتعجب وهو مبتدأ ، والقارعة خبره ، وتقدم تقرير ذلك في { الحاقة ما الحاقة } [ الحاقة : 1 ] وقيل ذلك في قوله : { فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة } [ الواقعة : 8 ] وقال الزجاج : هو تحذير ، والعرب تحذر وتغري بالرفع كالنصب ، قال الشاعر : @ أخو النجـدة السـلاح السـلاح @@ وقرأ عيسى : بالنصب ، وتخريجه على أنه منصوب بإضمار فعل ، أي اذكروا القارعة ، وما زائدة للتوكيد ؛ والقارعة تأكيد لفظي للأولى . وقرأ الجمهور : { يوم } بالنصب ، وهو ظرف ، العامل فيه ، قال ابن عطية : القارعة . فإن كان عنى بالقارعة اللفظ الأول ، فلا يجوز للفصل بين العامل ، وهو في صلة أل ، والمعمول بالخبر ؛ وكذا لو صار القارعة علماً للقيامة لا يجوز أيضاً ، وإن كان عنى اللفظ الثاني أو الثالث ، فلا يلتئم معنى الظرف معه . وقال الزمخشري : الظرف نصب بمضمر دل عليه القارعة ، أي تقرع يوم يكون الناس . وقال الحوفي : تأتي يوم يكون . وقيل : اذكر يوم . وقرأ زيد بن عليّ : يوم يكون مرفوع الميم ، أي وقتها . { يوم يكون الناس كالفراش المبثوث } ، قال قتادة : هو الطير الذي يتساقط في النار . وقال الفراء : غوغاء الجراد ، وهو صغيره الذي ينتشر في الأرض يركب بعضه بعضاً من الهول . وقيل : الفراش طير دقيق يقصد النار ، ولا يزال يتقحم على المصباح ونحوه حتى يحترق . شبهوا في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والمجيء والذهاب على غير نظام ، والتطاير إلى الداعي من كل جهة حتى تدعوهم إلى ناحية المحشر ، كالفراش المتطاير إلى النار . قال جرير : @ إن الفرزدق ما علمت وقومه مثل الفراش عشين نار المصطلى @@ وقرن بين الناس والجبال تنبيهاً على تأثير تلك القارعة في الجبال حتى صارت كالعهن المنفوش ؛ فكيف يكون حال الإنسان عند سماعها ؟ وتقدم الكلام في الموازين وثقلها وخفتها في الأعراف ، وعيشة راضية في الحاقة . { فأمه هاوية } : الهاوية دركة من دركات النار ، وأمه معناه مأواه ، كما قيل للأرض أم الناس لأنها تؤويهم ، وكما قال عتبة بن أبي سفيان في الحرب : فنحن بنوها وهي أمنا . وقال قتادة وأبو صالح وغيره : فأم رأسه هاوية في قعر جهنم لأنه يطرح فيها منكوساً . وقيل : هو تفاؤل بشر ، وإذا دعوا بالهلكة قالوا هوت أمه ، لأنه إذا هوى ، أي سقط وهلك فقد هوت أمه ثكلاً وحزناً . قال الشاعر : @ هوت أمه ما نبعث الصبح غاديا وماذا يرد الليل حين يؤون @@ وقرأ الجمهور : { فأمه } بضم الهمزة ، وطلحة بكسرها . قال ابن خالويه : وحكى ابن دريد أنها لغة . وأما النحويون فإنهم يقولون : لا يجوز كسر الهمزة إلا أن يتقدمها كسرة أو ياء ، انتهى . { وما أدراك ما هية } : هي ضمير يعود على هاوية إن كانت كما قيل دركة من دركات النار معروفة بهذا الاسم ، وإن كانت غير ذلك مما قيل فهي ضمير الداهية التي دل عليها قوله : { فأمه هاوية } ، والهاء فيما هيه هاء السكت ، وحذفها في الوصل ابن أبي إسحاق والأعمش وحمزة ، وأثبتها الجمهور : { نار } : خبر مبتدأ محذوف ، أي هي نار ، أعاذنا الله منها بمنه وكرمه .