Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 106, Ayat: 1-4)
Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقرأ الجمهور : { لإيلاف قريش } ، مصدر آلف رباعياً ؛ وابن عامر : لالاف على وزن فعال ، مصدر ألف ثلاثياً . يقال : ألف الرجل الأمر إلفاً وإلافاً ، وآلفه غيره إياه إيلافاً ، وقد يأتي ألف متعدياً لواحد كإلف ، قال الشاعر : @ من المؤلفات الرمل أدماء حرة شعاع الضحى في متنها يتوضح @@ ولم يختلف القراء السبعة في قراءة إيلافهم مصدراً للرباعي . وروي عن أبي بكر ، عن عاصم أنه قرأ بهمزتين ، فيهما الثانية ساكنة ، وهذا شاذ ، وإن كان الأصل أبدلوا الهمزة التي هي فاء الكلمة لثقل اجتماع همزتين ، ولم يبدلوا في نحو يؤلف على جهة اللزوم لزوال الاستثقال بحذف الهمزة فيه ، وهذا المروي عن عاصم هو من طريق الشمني عن الأعشى عن أبي بكر . وروى محمد بن داود النقار عن عاصم : إإيلافهم بهمزتين مكسورتين بعدهما ياء ساكنة ناشئة عن حركة الهمزة الثانية لما أشبع كسرتها ، والصحيح رجوع عاصم عن الهمزة الثانية ، وأنه قرأ كالجماعة . وقرأ أبو جعفر فيما حكى الزمخشري : لإلف قريش ؛ وقرأ فيما حكى ابن عطية الفهم . قال الشاعر : @ زعمتم أن إخوتكم قريشاً لهم إلف وليس لكم إلاف @@ جمع بين مصدري ألف الثلاثي . وعن أبي جعفر وابن عامر : إلا فهم على وزن فعال . وعن أبي جعفر وابن كثير : إلفهم على وزن فعل ، وبذلك قرأ عكرمة . وعن أبي جعفر أيضاً : ليلاف بياء ساكنة بعد اللام اتبع ، لما أبدل الثانية ياء حذف الأولى حذفاً على غير قياس . وعن عكرمة : ليألف قريش ؛ وعنه أيضاً : لتألف قريش على الأمر ، وعنه وعن هلال بن فتيان : بفتح لام الأمر ، وأجمعوا هنا على صرف قريش ، راعوا فيه معنى الحي ، ويجوز منع صرفه ملحوظاً فيه معنى القبيلة للتأنيث والعلمية . قال الشاعر : @ وكفـى قـريش المعضـلات وسـادهـا @@ جعله اسماً للقبيلة سيبويه في نحو معد وقريش وثقيف ، وكينونة هذه للإحياء أكثر ، وإن جعلتها اسماً للقبائل فجائز حسن . وقرأ الجمهور : { رحلة } بكسر الراء ؛ وأبو السمال : بضمها ، فبالكسر مصدر ، وبالضم الجهة التي يرحل إليها ، والجمهور على أنهما رحلتان . فقيل : إلى الشام في التجارة ونيل الأرباح ، ومنه قول الشاعر : @ سفرين بينهما له ولغيره سفر الشتاء ورحلة الأصياف @@ وقال ابن عباس : رحلة إلى اليمن ، ورحلة إلى بصرى . وقال : يرحلون في الصيف إلى الطائف حيث الماء والظل ، ويرحلون في الشتاء إلى مكة للتجارة وسائر أغراضهم . وقال الزمخشري : وأراد رحلتي الشتاء والصيف ، فأفرد لأمن الإلباس ، كقوله : @ كلوا في بعض بطنكم تعفوا فإن زمانكم زمن خميص @@ انتهى ، وهذا عند سيبويه لا يجوز إلا في الضرورة ، ومثله : @ حمـامـة بطـن الـوادييـن تـرنمي @@ يريد : بطني الواديين ، أنشده أصحابنا على الضرورة . وقال النقاش : كانت لهم أربع رحل . قال ابن عطية : وهذا قول مردود . انتهى ، ولا ينبغي أن يرد ، فإن أصحاب الإيلاف كانوا أربعة إخوة وهم : بنو عبد مناف هاشم ، كان يؤلف ملك الشام ، أخذ منه خيلاً ، فأمن به في تجارته إلى الشام ، وعبد شمس يؤلف إلى الحبشة ؛ والمطلب إلى اليمن ؛ ونوفل إلى فارس . فكان هؤلاء يسمون المجيرين ، فتختلف تجر قريش إلى الأمصار بحبل هؤلاء الإخوة ، فلا يتعرض لهم . قال الأزهري : الإيلاف شبه الإجارة بالخفارة ، فإذا كان كذلك جاز أن يكون لهم رحل أربع ، باعتبار هذه الأماكن التي كانت التجار في خفارة هؤلاء الأربعة فيها ، وفيهم يقول الشاعر يمدحهم : @ يا أيها الرجل المحول رحله هلا نزلت بآل عبد مناف الآخذون العهد من آفاقها والراحلون لرحلة الإيلاف والرائشون وليس يوجد رائش والقائلون هلمّ للأضياف والخالطون غنيهم لفقيرهم حتى يصير فقيرهم كالكاف @@ فتكون رحلة هنا اسم جنس يصلح للواحد ولأكثر ، وإيلافهم بدل من { لإيلاف قريش } ، أطلق المبدل منه وقيد البدل بالمفعول به ، وهو رحلة ، أي لأن ألفوا رحلة تفخيماً لأمر الإيلاف وتذكيراً بعظيم النعمة فيه . { هذا البيت } : هو الكعبة ، وتمكن هنا هذا اللفظ لتقدم حمايته في السورة التي قبلها ، ومن هنا للتعليل ، أي لأجل الجوع . كانوا قطاناً ببلد غير ذي زرع عرضة للجوع والخوف لولا لطف الله تعالى بهم ، وذلك بدعوة إبراهيم عليه السلام . قال تعالى : { يجبى إليه ثمرات كل شيء } [ القصص : 57 ] { وآمنهم من خوف } : فضلهم على العرب بكونهم يأمنون حيث ما حلوا ، فيقال : هؤلاء قطان بيت الله ، فلا يتعرض إليهم أحد ، وغيرهم خائفون . وقال ابن عباس والضحاك : { وآمنهم من خوف } : معناه من الجذام ، فلا ترى بمكة مجذوماً . قال الزمخشري : والتنكير في جوع وخوف لشدتهما ، يعني أطعمهم بالرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما ، وآمنهم من خوف عظيم ، وهو خوف أصحاب الفيل ، أو خوف التخطف في بلدهم ومسايرهم . وقرأ الجمهور : { من خوف } ، بإظهار النون عند الخاء ، والمسيبي عن نافع : بإخفائها ، وكذلك مع العين ، نحو من على ، وهي لغة حكاها سيبويه . وقال ابن الأسلت يخاطب قريشاً :