Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 108, Ayat: 1-3)
Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقرأ الجمهور : { أعطيناك } بالعين ؛ والحسن وطلحة وابن محيصن والزعفراني : أنطيناك بالنون ، وهي قراءة مروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال التبريزي : هي لغة للعرب العاربة من أولي قريش . ومن كلامه صلى الله عليه وسلم : " اليد العلياء المنطية واليد السفلى المنطاة " ومن كلامه أيضاً ، عليه الصلاة والسلام : " وأنطوا النيحة " وقال الأعشى : @ جيادك خير جياد الملوك تصان الحلال وتنطى السعيرا @@ قال أبو الفضل الرازي وأبو زكريا التبرزي : أبدل من العين نوناً ؛ فإن عنيا النون في هذه اللغة مكان العين في غيرها فحسن ، وإن عنيا البدل الصناعي فليس كذلك ، بل كل واحد من اللغتين أصل بنفسها لوجود تمام التصرّف من كل واحدة ، فلا يقول الأصل العين ، ثم أبدلت النون منها . وذكر في التحرير : في الكوثر ستة وعشرين قولاً ، والصحيح هو ما فسره به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " هو نهر في الجنة ، حافتاه من ذهب ، ومجراه على الدر والياقوت ، تربته أطيب من المسك ، وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج " قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وفي صحيح مسلم ، واقتطعنا منه ، قال : " أتدرون ما الكوثر ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد النجوم " انتهى . قال ذلك عليه الصلاة والسلام عندما نزلت هذه السورة وقرأها . وقال ابن عباس : الكوثر : الخير الكثير . وقيل لابن جبير : إن ناساً يقولون : هو نهر في الجنة ، فقال : هو من الخير الكثير . وقال الحسن : الكوثر : القرآن . وقال أبو بكر بن عباس ويمان بن وثاب : كثرة الأصحاب والأتباع . وقال هلال بن يساف : هو التوحيد . وقال جعفر الصادق : نور قلبه دله على الله تعالى وقطعه عما سواه . وقال عكرمة : النبوّة . وقال الحسن بن الفضل : تيسير القرآن وتخفيف الشرائع . وقال ابن كيسان : الإيثار . وينبغي حمل هذه الأقوال على التمثيل ، لا أن الكوثر منحصر في واحد منها . والكوثر فوعل من الكثرة ، وهو المفرط الكثرة . قيل لأعرابية رجع ابنها من السفر : بم آب ابنك ؟ قالت : آب بكوثر . وقال الشاعر : @ وأنت كثير يا ابن مروان طيب وكان أبوك ابن العقائل كوثرا @@ { فصل لربك وانحر } : الظاهر أن فصل أمر بالصلاة يدخل فيها المكتوبات والنوافل . والنحر : نحر الهدى والنسك والضحايا ، قاله الجمهور ؛ ولم يكن في ذلك الوقت جهاد فأمر بهذين . قال أنس : كان ينحر يوم الأضحى قبل الصلاة ، فأمر أن يصلي وينحر ، وقاله قتادة . وقال ابن جبير : نزلت وقت صلح الحديبية . قيل له : صل وانحر الهدى ، فعلى هذا الآية من المدني . وفي قوله : { لربك } ، تنذير بالكفار حيث كانت صلاتهم مكاء وتصدية ، ونحرهم للأصنام . وعن علي ، رضي الله تعالىعنه : صل لربك وضع يمينك على شمالك عند نحرك في الصلاة . وقيل : ارفع يديك في استفتاح صلاتك عند نحرك . وعن عطية وعكرمة : هي صلاة الفجر بجمع ، والنحر بمنى . وقال الضحاك : استو بين السجدتين جالساً حتى يبدو نحرك . وقال أبو الأحوص : استقبل القبلة بنحرك . { إن شانئك } : أي مبغضك ، تقدم أنه العاصي بن وائل . وقيل : أبو جهل . وقال ابن عباس : لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج أبو جهل إلى أصحابه فقال : بتر محمد ، فأنزل الله تعالى : { إن شانئك هو الأبتر } . وقال شمر بن عطية : هو عقبة بن أبي معيط . وقال قتادة : الأبتر هنا يراد به الحقير الذليل . وقرأ الجمهور : { شانئك } بالألف ؛ وابن عباس : شينك بغير ألف . فقيل : مقصور من شاني ، كما قالوا : برر وبر في بارر وبار . ويجوز أن يكون بناء على فعل ، وهو مضاف للمفعول إن كان بمعنى الحال أو الاستقبال ؛ وإن كان بمعنى الماضي فتكون إضافته لا من نصب على مذهب البصريين . وقد قالوا : حذر أموراً ومزقون عرضي ، فلا يستوحش من كونه مضافاً للمفعول ، وهو مبتدأ ، والأحسن الأعرف في المعنى أن يكون فصلاً ، أي هو المنفرد بالبتر المخصوص به ، لا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فجميع المؤمنين أولاده ، وذكره مرفوع على المنائر والمنابر ، ومسرود على لسان كل عالم وذاكر إلى آخر الدهر . يبدأ بذكر الله تعالى ويثني بذكره صلى الله عليه وسلم ، وله في الآخرة ما لا يدخل تحت الوصف صلى الله عليه وسلم وعلى آله وشرف وكرم .