Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 23-24)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما ذكر ما يؤول إليه الكفار من النار ، ذكر ما يؤول إليه المؤمنون من الجنة ، والفريقان هنا الكافر والمؤمن . ولما كان تقدم ذكر الكفار وأعقب بذكر المؤمنين ، جاء التمثيلم هنا مبتدأ بالكافر فقال : كالأعمى والأصم . ويمكن أن يكون من باب تشبيه اثنين باثنين ، فقوبل الأعمى بالبصير وهو طباق ، وقوبل الأصم بالسميع وهو طباق أيضاً ، والعمى والصمم آفتان تمنعان من البصر والسمع ، وليستا بضدّين ، لأنه لا تعاقب بينهما . ويحتمل أن يكون من تشبيه واحد بوصفيه بواحد بوصفيه ، فيكون من عطف الصفات كما قال الشاعر : @ إلى الملك القرن وابن الهمام وليث الكريهة في المزدحم @@ ولم يجيء التركيب كالأعمى والبصير والأصم والسميع فيكون مقابلة في لفظ الأعمى وضده ، وفي لفظة الأصم وضده ، لأنه تعالى لما ذكرانسداد العين أتبعه بانسداد السمع ، ولما ذكر انفتاح البصر أتبعه بانفتاح السمع ، وذلك هو الأسلوب في المقابلة ، والأتم في الإعجاز . ويأتي إن شاء الله تعالى نظير هذه المقابلة في قوله في طه : { إِن لك ألاّ تجوع فيها ولا تعرى * وأنك لا تظمؤُأ فيها ولا تضحىٰ } [ طه : 118 - 119 ] واحتمل أنْ تكون الكاف نفسها هي خبر المبتدأ ، فيكون معناها معنى المثل ، فكأنه قيل : مثل الفريقين مثل الأعمى . واحتمل أن يراد بالمثل الصفة ، وبالكاف مثل ، فيكون على حذف مضاف أي : كمثل الأعمى ، وهذا التشبيه تشبيه معقول بمحسوس ، فأعمى البصيرة أصمها ، شبه بأعمى البصر أصم السمع ، ذلك في ظلمات الضلالات متردد تائه ، وهذا في الطرقات محير لا يهتدي إليها . وجاء أفلا تذكرون لينبه على أنه يمكن زوال هذا العمى وهذا الصمم المعقول ، فيجب على العاقل أن يتذكر ما هو فيه ، ويسعى في هداية نفسه . وانتصب مثلاً على التمييز ، قال ابن عطية : ويجوز أن يكون حالاً انتهى . وفيه بعد ، والظاهر التمييز وأنه منقول من الفاعل أصله : هل يستوي مثلاهما .