Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 63-65)
Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تقدم الكلام في أرأيتم في قصة نوح ، والمفعول الثاني هنا لأرأيتم محذوف يدل عليه قوله : فمن ينصرني من الله إن عصيته ، والتقدير : أعصيه في ترك ما أنا عليه من البينة . وقال ابن عطية : أرأيتم هو من رؤية القلب ، والشرط الذي بعده وجوابه يسد مسد مفعولي علمت وأخواتها ، وإدخال أداة الشرط التي هي إن على جملة محققة ، وهي كان على بينة من ربه ، لكنه خاطب الجاحدين للبينة فكأنه قال : قدروا أني على بينة من ربي وانظروا إنْ تابعتكم وعصيت ربي في أوامره ، فمن يمنعني من عذابه ؟ قال ابن عطية : وفي الكلام محذوف تقديره : أيضرني شككم ، أو أيمكنني طاعتكم ، ونحو هذا مما يليق بمعنى الآية انتهى . وهذا التقدير الذي قدره استشعار منه بالمفعول الثاني الذي يقتضيه أرأيتم ، وأن الشرط وجوابه لا يقعان ولا يسدان مسد مفعولي أرأيتم ، والذي قدرناه نحن هو الظاهر لدلالة قوله : فمن ينصرني من الله إن عصيته ، فما تزيدونني غير تخسير . قال الزمخشري : غير أن أخسركم أي أنسبكم إلى الخسران ، وأقول أنكم خاسرون انتهى . يفعل هذا للنسبة كفسقته وفجرته أي : نسبته أي الفسق والفجور . قال ابن عباس : معناه ما تزيدونني بعبادتكم إلا بصارة في خسرانكم انتهى . فهو على حذف مضاف أي : غير بصارة تخسيركم . وقال مجاهد : ما تزدادون أنتم باحتجاجكم بعبادة آبائكم إلا خساراً ، وأضاف الزيادة إلى نفسه لأنهم أعطوه ذلك وكان سألهم الإيمان . وقال ابن عطية : فما تعطوني فيما اقتضيته منكم من الإيمان غير تخسير لأنفسكم ، وهو من الخسارة وليس التخسير إلا لهم ، وفي حيزهم ، وأضاف الزيادة إليه من حيث هو مقتض لأقوالهم موكل بإيمانهم كما تقول لمن توصيه : أنا أريدك خيراً وأنت تريدني سوءاً ، وكان الوجه البين أن يقول : وأنت تريد شراً ، لكن من حيث كنت مريد خير ، ومقتضى ذلك حسن أن يضيف الزيادة إلى نفسك انتهى . وقيل : التقدير فما تحملونني عليه ، غير أني أخسركم أي : أرى منكم الخسران . وقيل : التقدير تخسروني أعمالكم وتبطلونها . قيل وهذا أقرب ، لأن قوله : فمن ينصرني من الله إن عصيته كالدلالة على أنه أراد إن اتبعتكم فيما أنتم عليه ودعوتموني إليه لم أزدد إلا خسراناً في الدين ، فأصير من الهالكين الخاسرين . وانتصب آية على الحال ، والخلاف في الناصب في نحو هذا زيد منطلقاً ، أهو حرف التنبيه ؟ أو اسم الإشارة ؟ أو فعل محذوف ؟ جاز في نصب آية ولكم في موضع الحال ، لأنه لو تأخر لكان نعتاً لآية ، فلما تقدم على النكرة كان حالاً ، والعامل فيها محذوف . وقال الزمخشري : ( فإن قلت ) : فبم يتعلق لكم ؟ ( قلت ) : بآية حالاً منها متقدمة ، لأنها لو تأخرت لكان صفة لها ، فلما تقدمت انتصب على الحال انتهى . وهذا متناقض ، لأنه من حيث تعلق لكم بآية كان لكم معمولاً لآية ، وإذا كان معمولاً لها امتنع أن يكون حالاً منها ، لأنّ الحال تتعلق بمحذوف ، فتناقض هذا الكلام ، لأنه من حيث كونه معمولاً لها كانت هي العاملة ، ومن حيث كونه حالاً منها كان العامل غيرها ، وتقدم الكلام على الجمل التي بعد آية . وقرأت فرقة : تأكل بالرفع على الاستئناف ، أو على الحال . وقريب عاجل لا يستأخر عن مسكموها بسوء إلا يسيراً ، وذلك ثلاثة أيام ، ثم يقع عليكم ، وهذا الإخبار بوحي من الله تعالى ، فعقروها نسب إلى جميعهم وإن كان العاقر واحداً لأنه كان برضا منهم ، وتمالؤ . ومعنى تمتعوا استمتعوا بالعيش في داركم في بلدكم ، وتسمى البلاد الديار لأنها يدار فيها أي : يتصرف ، يقال : ديار بكر لبلادهم قاله الزمخشري . وقال ابن عطية : في داركم جمع دارة ، كساحة وساح وسوح ، ومنه قول أمية بن أبي الصلت : @ له داع بمكة مشمعل وآخر فوق دارته ينادي @@ ويمكن أن يسمي جميع مسكن الحي داراً انتهى . ذلك أي : الوعد بالعذاب غير مكذوب ، أي صدق حق . والأصل غيره مكذوب فيه ، فاتسع فحذف الحرف وأجرى الضمير مجرى المفعول به ، أو جعل غير مكذوب لأنه وفى به فقد صدق ، أو على أنّ المكذوب هنا مصدر عند من يثبت أنّ المصدر يجيء على زنة مفعول .