Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 41-42)
Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
البضع : ما بين الثلاث إلى التسع قاله قتادة . وقال مجاهد : من الثلاثة إلى السبعة ، وقال أبو عبيدة : البضع لا يبلغ العقد ولا نصف العقد ، وإنما هو من الواحد إلى العشرة . وقال الفراء : ولا يذكر البضع إلا مع العشرات ، ولا يذكر مع مائة ولا ألف . { يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمراً وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضيَ الأمر الذي فيه تستفتيان . وقال للذي ظنّ أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين } : لما ألقى إليهما ما كان أهم وهو أمر الدين رجاء في إيمانهما ، ناداهما ثانياً لتجتمع أنفسهما لسماع الجواب ، فروي أنه قال : لبنوّ : أما أنت فتعود إلى مرتبتك وسقاية ربك ، وما رأيت من الكرامة وحسنها هو الملك وحسن حالك عنده ، وأما القضبان الثلاثة فإنها ثلاثة أيام تمضي في السجن ثم تخرج وتعود إلى ما كنت عليه . وقال لملحب : أما أنت فما رأيت من السلال ثلاثة أيام ثم تخرج فتصلب ، فروي أنهما قالا : ما رأينا شيئاً ، وإنما تحالمنا لنجرّبك . وروي أنه لم يقل ذلك إلا الذي حدثه بالصلب . وروي أنهما رأيا ثم أنكرا . وقرأ الجمهور : فيسقي ربه من سقى ، وفرقة : فيسقي من أسقى ، وهما لغتان بمعنى واحد . وقرىء في السبعة : نسقيكم ونسقيكم . وقال صاحب اللوامح : سقى وأسقى بمعنى واحد في اللغة ، والمعروف أن سقاه ناوله ليشرب ، وأسقاه جعل له سقياً . ونسب ضم الفاء لعكرمة والجحدري ، ومعنى ربه . سيده . وقال ابن عطية : وقرأ عكرمة والجحدري : فيسقي ربه خمراً بضم الياء وفتح القاف ، أي ما يرويه . وقال الزمخشري : وقرأ عكرمة فيسقى ربه ، فيسقى ما يروى به على البناء للمفعول ، ثم أخبرهما يوسف عليه السلام عن غيب علمه من قبل الله أنّ الأمر قد قضى ووافق القدر ، وسواء كان ذلك منكما حلم ، أو تحالم . وأفرد الأمر وإن كان أمر هذا ، لأنّ المقصود إنما هو عاقبة أمرهما الذي أدخلا به السجن ، هو اتهام الملك إياهما بسمه ، فرأيا ما رأيا ، أو تحالما بذلك ، فقضيت وأمضيت تلك العاقبة من نجاة أحدهما ، وهلاك الآخر . وقال أي : يوسف للذي ظن : أي أيقن هو أي يوسف : إنه ناج وهو الساقي . ويحتمل أن يكون ظن على بابه ، والضمير عائد على الذي وهو الساقي أي : لما أخبره يوسف بما أخبره ، ترجح عنده أنه ينجو ، ويبعد أن يكون الظن على بابه ، ويكون مسنداً إلى يوسف على ما ذهب إليه قتادة والزمخشري . قال قتادة : الظن هنا على بابه ، لأن عبارة الرؤيا ظن . وقال الزمخشري : الظان هو يوسف عليه السلام إن كان تأويله بطريق الاجتهاد فيبعد ، لأنه قوله : قضي الأمر ، فيه تحتم ما جرى به القدر وإمضاؤه ، فيظهر أن ذلك بطريق الوحي ، إلا أن حمل قضي الأمر على قضى كلامي ، وقلت ما عندي ، فيجوز أن يعود على يوسف . فالمعنى أن يوسف عليه السلام قال لساقي الملك حين علم أنه سيعود إلى حالته الأولى مع الملك : اذكرني عند الملك أي : بعلمي ومكانتي وما أنا عليه مما آتاني الله ، أو اذكرني بمظلمتي وما امتحنت به بغير حق . وهذا من يوسف على سبيل الاستعانة والتعاون في تفريج كربه ، وجعله بإذن الله وتقديره سبباً للخلاص كما جاء عن عيسى عليه السلام : { من أنصاري إلى الله } [ آل عمران : 52 ] وكما كان الرسول يطلب من يحرسه . والذي أختاره أن يوسف إنما قال لساقي الملك : اذكرني عند ربك ليتوصل إلى هدايته وإيمانه بالله ، كما توصل إلى إيضاح الحق للساقي ورفيقه . والضمير في فأنساه عائد على الساقي ، ومعنى ذكر ربه : ذكر يوسف لربه ، والإضافة تكون بأدنى ملابسة . وإنساء الشيطان له بما يوسوس إليه من اشتغاله حتى يذهل عما قال له يوسف ، لما أراد الله بيوسف من إجزال أجره بطول مقامه في السجن . وبضع سنين مجمل ، فقيل : سبع ، وقيل : اثنا عشر . والظاهر أن قوله : فلبث في السجن ، إخبار عن مدّة مقامه في السجن ، منذ سجن إلى أن أخرج . وقيل : هذا اللبث هو ما بعد خروج الفتيين وذلك سبع . وقيل : سنتان . وقيل : الضمير في أنساه عائد على يوسف . ورتبوا على ذلك أخباراً لا تليق نسبتها إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .