Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 50-51)

Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الخطب : الشان والأمر الذي فيه خطر ، ويجمع على خطوب قال : @ وما المرء ما دامت حشاشة نفسه بمدرك أطراف الخطوب ولا آل @@ حصحص تبين بعد الخفاء ، قاله الخليل . وقيل : مأخود من الحصة حصحص الحق بانت حصته من حصة الباطل . وقيل : ثبت واستقر ، ويكون متعدياً من حصحص البعير ألقى ثفناته للإناخة قال : حصحص في صم الصفا ثفناته . { وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم . قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين } : في الكلام حذف تقديره : فحفظ الرسول ما أول به يوسف الرؤيا ، وجاء إلى الملك ومن أرسله وأخبرهم بذلك ، وقال الملك : وقال ابن عطية : في تضاعيف هذه الآيات محذوفات يعطيها ظاهر الكلام ويدلّ عليها ، والمعنى : فرجع الرسول إلى الملك ومن مع الملك فنص عليهم مقالة يوسف ، فرأى الملك وحاضروه نبل التعبير ، وحسن الرأي ، وتضمن الغيب في أمر العام الثامن مع ما وصفه به الرسول من الصدق في المنام المتقدم ، فعظم يوسف في نفس الملك وقال : ائتوني به ، فلما وصل الرسول في إخراجه إليه وقال : إنّ الملك قد أمر بأن تخرج إليه ، قال له : ارجع إلى ربك أي : إلى الملك وقل له : ما بال النسوة ؟ ومقصد يوسف عليه السلام إنما كان وقل له يستقصي عن ذنبي ، وينظر في أمري ، هل سجنت بحق أو بظلم ؟ وكان هذا الفعل من يوسف إناءة وصبراً وطلباً لبراءة الساحة ، وذلك أنه فيما روي خشي أن يخرج وينال من الملك مرتبة ، ويسكت عن أمر دينه صفحاً ، فيراه الناس بتلك العين أبداً ويقولون : هذا الذي راود امرأة مولاه ، فأراد يوسف عليه السلام أن يبين براءته ويتحقق منزلته من العفة والخير ، وحينئذ يخرج للإحظاء والمنزلة . وقال الزمخشري : إنما تأتي وتثبت في إجابة الملك ، وقدم سؤال النسوة لتظهر براءة ساحته عما فرق به وسجن فيه ، لئلا يتسلق به الحاسدون إلى تقبيح أمره عنده ، ويجعلوه سلماً إلى حط منزلته لديه ، ولئلا يقولوا : ما خلد في السجن سبع سنين إلا أمر عظيم وجرم كبير حق به أن يسجن ويعذب ، ويكشف سره ، وفيه دليل على أنّ الاجتهاد في نفي التهم واجبة وجوب ابقاء الوقوف في مواقفها . قال عليه السلام : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم " انتهى . ولأجل هذا كان الزمخشري ، وكان مقطوع الرجل قد أثبت على القضاة أن رجله لم تقطع في خيانة ولا فساد ، وكان يظهر ذلك المكتوب في كل بلد دخله خوفاً من تهمة السوء . وإنما قال : سل الملك عن شأن النسوة ، ولم يقل سله أن يفتش عنهن ، لأن السؤال مما يهيج الإنسان ويحركه للبحث عنما سئل عنه ، فأراد أن يورد عليه السؤال ليجري التفتيش عن حقيقة القصة ، وقص الحديث حتى يتبين له براءته بياناً مكشوفاً يتميز فيه الحق من الباطل . ومن كرم يوسف عليه السلام أنه لم يذكر زوج العزيز مع ما صنعت به وتسببت فيه من السجن والعذاب ، واقتصر على ذكر المقطعات الأيدي . وقرأ أبو حيوة وأبو بكر عن عاصم في رواية النسوة بضم النون ، وقرأت فرقة اللاي بالياء ، وكلاهما جمع التي . إن ربي أي : إن الله بكيدهنّ عليم . أراد أن كيدهن عظيم لا يعلمه إلا الله لبعد عوده ، واستشهد بعلم الله على أنهن كدنه ، وأنه بريء مما قذف به . أو أراد الوعيد لهن ، أو هو عليم بكيدهن فيجازيهن عليه . وقال ابن عطية : ويحتمل أن يريد بالرب العزيز مولاه ، ففي ذلك استشهاد به وتقريع . وما ذكره ابن عطية من هذا الاحتمال لا يسوغ ، والضمير في بكيدهن عائد على النسوة المذكورات لا للجنس ، لأنها حالة توقيف على ذنب . قال : ما خطبكن في الكلام حذف تقديره : فرجع الرسول فأخبره بما قال يوسف ، فجمع الملك النسوة وامرأة العزيز وقال لهن : ما خطبكن ؟ وهذا استدعاء منه أن يعلمنه بالقصة ، ونزه جانب يوسف بقوله : إذ راودتن يوسف عن نفسه ، ومراودتهن له قولهن ليوسف : أطع مولاتك . وقال الزمخشري : هل وجدتن منه ميلاً ؟ لكنْ قلن : حاش لله تعجباً من عفته ، وذهابه بنفسه عن شيء من الريبة ، ومن نزاهته عنها . وقال ابن عطية : أجاب النساء بجواب جيد تظهر منه براءة أنفسهن جملة ، وأعطين يوسف بعض براءة ، وذلك أن الملك لما قررهن أنهن راودته قلن جواباً عن ذلك : حاش لله . ويحتمل أن يكون قولهن : حاش لله ، في جهة يوسف عليه السلام . وقولهن ما علمنا عليه من سوء ليس بإبراء تام ، وإنما كان الإبراء التام وصف القصة على وجهها حتى يتقرر الخطأ في جهتهن ، فلما سمعت امرأة العزيز مقالتهن وحيدتهن عن الوقوع في الخزي قالت : الآن حصحص الحق . وقرىء حصحص على البناء للمفعول ، أقرت على نفسها بالمراودة ، والتزمت الذنب ، وأبرأت يوسف البراءة التامة .