Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 1-9)
Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه السورة ، قال في التحرير ، مكية بإجماعهم . قال ابن عطية : مكية إلا قوله : { ويرى الذين أوتوا العلم } ، فقالت فرقة : مدنية فيمن أسلم من أهل الكتاب ، كعبد الله بن سلام وأشباهه . انتهى . وسبب نزولها أن أبا سفيان قال لكفار مكة ، لما سمعوا { ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات } [ الأحزاب : 73 ] : إن محمداً يتوعدنا بالعذاب بعد أن نموت ، ويخوّفنا بالبعث ، واللات والعزى لا تأتينا الساعة أبداً ، ولا نبعث . فقال الله : { قل } يا محمد { بلى وربي لتبعثن } [ التغابن : 7 ] ، قاله مقاتل ؛ وباقي السورة تهديد لهم وتخويف . ومن ذكر هذا السبب ، ظهرت المناسبة بين هذه السورة والتي قبلها . { الحمد لله } : مستغرق لجميع المحامد . { وله الحمد في الآخرة } : ظاهره الإستغراق . ولما كانت نعمة الآخرة مخبراً بها ، غير مرئية لنا في الدنيا ، ذكرها ليقاس نعمها بنعم الدنيا ، قياس الغائب على الشاهد ، وإن اختلفا في الفضيلة والديمومة . وقيل : أل للعهد والإشارة إلى قوله : { وآخر دعواهم أن الحمد لله } [ يونس : 10 ] ، أو إلى قوله : { وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده } [ الزمر : 74 ] . وقال الزمخشري : الفرق بين الحمدين وجوب الحمد في الدنيا ، لأنه على نعمه متفضل بها ، وهو الطريق إلى تحصيل نعمة الآخرة ، وهي الثواب . وحمد الآخرة ليس بواجب ، لأنه على نعمة واجبة الاتصال إلى مستحقها ، إنما هو تتمة سرور المؤمنين وتكملة اغتباطهم يلتذون به . انتهى ، وفيه بعض تلخيص . { يعلم ما يلج في الأرض } ، من المياه . وقال الكلبي : من الأموات والدفائن . { وما يخرج منها } ، من النبات . وقال الكلبي : من جواهر المعادن . { وما ينزل من السماء } ، من المطر والثلج والبرد والصاعقة والرزق والملك . { وما يعرج فيها } ، من أعمال الخلق . وقال الكلبي : وما ينزل من الملائكة . وقيل : من الأقضية والأحوال والأدعية والأعمال . وقيل : من الأنعام والعطاء . وقرأ عليّ ، والسلمي : وما ينزل بضم الياء وفتح النون وشد الزاي ، أي الله تعالى . وبلى جواب للنفي السابق من قولهم { لا تأتينا الساعة } ، أي بلى لتأتينكم . وقرأ الجمهور : { لتأتينكم } بتاء التأنيث ، أي الساعة التي أنكرتم مجيئها . وقرأ طلق عن أشياخه بياء الغيبة ، أي ليأتينكم البعث ، لأنه مقصودهم من نفي الساعة أنهم لا يبعثون . وقال الزمخشري : أو على معنى الساعة ، أي اليوم ، أو على إسناده إلى الله على معنى ليأتينكم أمر عالم الغيب كقوله : { أو يأتي ربك } [ الأنعام : 158 ] ، أي أمره . ويبعد أن يكون ضمير الساعة ، لأنه مذهوب به مذهب التذكير ، لا يكون إلا في الشعر ، نحو قوله : @ ولا أرض أبقل أبقالها @@ ثم أكد الجواب بالقسم على البعث ، واتبع القسم بقوله : { عالم الغيب } وما بعده ، ليعلم أن إنباتها من الغيب الذي تفرد به تعالى . وجاء القسم بقوله : { وربي } مضافاً إلى الرسول ، ليدل على شدّة القسم ، إذ لم يأت به في الاسم المشترك بينه وبين من أنكر الساعة ، وهو لفظ الله . وقرأ نافع ، وابن عامر ، ورويس ، وسلام ، والجحدري ، وقعنب : { عالم } بالرفع على إضمار هو ؛ وجوز الحوفي وأبو البقاء أن يكون مبتدأ ، والخبر { لا يعزب } . وقال الحوفي : أو خبره محذوف ، أي عالم الغيب هو ، وباقي السبعة : عالم بالجر . قال ابن عطية ، وأبو البقاء : وذلك على البدل . وأجاز أبو البقاء أن تكون صفة ، ويعني أن عالم الغيب يجوز أن يتعرف ، وكذا كل ما أضيف إلى معرفة مما كان لا يتعرف بذلك يجوز أن يتعرف بالاضافة ، إلا الصفة المشبهة فلا تتعرف بإضافة . ذكر ذلك سيبويه في كتابة ، وقل من يعرفه . وقرأ ابن وثاب ، والأعمش ، وحمزة ، والكسائي : علام على المبالغة والخفض ، وتقدّمت قراءة يعزب في يونس . وقرأ الجمهور : { ولا أصغر من ذلك ولا أكبر } ، برفع الراءين ، واحتمل أن يكون معطوفاً على { مثقال } ، وأن يكون مبتدأ ، والخبر في قوله : { إلا في كتاب } . وعلى الاحتمال الأول ، يكون { إلا في كتاب مبين } توكيداً لما تضمن النفي في قوله : { لا يعزب } ، وتقديره : لكنه في كتاب مبين ، وهو كناية عن ضبط الشىء والتحفظ به ، فكأنه في كتاب ، وليس ثم كتاب حقيقة . وعلى التخريج الأول ، يكون الكتاب هو اللوح المحفوظ . وقرأ الأعمش ، وقتادة : بفتح الراءين . قال ابن عطية : عطفاً على { ذرة } . ورويت عن أبي عمرو ، وعزاها أيضاً إلى نافع ، ولا يتعين ما قال ، بل تكون لا لنفي الجنس ، وهو مبتدأ ، أعني مجموع لا وما بني معها على مذهب سيبويه ، والخبر { إلا في كتاب مبين } ، وهو من عطف الجمل ، لا من عطف المفردات ، كما قال ابن عطية . وقال الزمخشري : جواباً لسؤال من قال : هل جاز عطف { ولا أصغر } على { مثقال } ، وعطف { ولا أصغر } على { ذرة } ؟ قلت : يأبى ذلك حرف الاستثناء ، إلا إذا جعلت الضمير في عنه للغيب ، وجعلت الغيب اسماً للخفيات قبل أن تكتب في اللوح ، لأن إثباتها في اللوح نوع من البروز عن الحجاب على معنى أنه لا ينفصل عن الغيب شيء ولا يزول عنه إلا مسطوراً في اللوح . انتهى . ولا يحتاج إلى هذا التأويل إذا جعلنا الكتاب المبين ليس اللوح المحفوظ . وقرأ زيد بن على : ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ، بخفض الراءين بالكسرة ، كأنه نوى مضافاً إليه محذوفاً ، التقدير : ولا أصغره ولا أكبره ، ومن ذلك ليس متعلقاً بأفعل ، بل هو بتبيين ، لأنه لما حذف المضاف إليه أبهم لفظاً فبينه بقوله : { من ذلك } ، أي عنى من ذلك ، وقد جاءت من كون أفعل التفضيل مضافاً في قول الشاعر : @ تحن نفوس الورى وأعلمنا بنا يركض الجياد في السدف @@ وخرج على أنه أراد علم بنا ، فأضاف ناوياً طرح المضاف إليه ، فاحتملت قراءة زيد هذا التوجيه الآخر : أنه لما أضاف أصغر وأكبر على إعرابهما حالة الإضافة ، وهذا كله توجيه شذوذ ، وناسب وصفه تعالى بعالم الغيب ، وأنه لا يفوت علمه شيء من الخفيات ، فاندرج في ذلك وقت قيام الساعة ، وصار ذلك دليلاً على صحة ما أقسم عليه ، لأن من كان عالماً بجميع الأشياء كلها وجزئها ، وكانت قدرته ثابتة ، كان قادراً على إعادة ما فنى من جميع الأرواح والأشباح . قيل : وقوله { مثقال ذرة في السماوات } ، إشارة إلى علمه بالأرواح ، { ولا في الأرض } ، إشارة إلى علمه بالأشياء . وكما أبرزهما من العدم إلى الوجود أولاً ، فكذلك يعيدهما ثانياً . وقال الزمخشري : فإن قلت : كيف يكون بمعنى اليمين مصححة لما أنكروه ؟ قلت : هذا لو اقتصر على اليمين ولم يتبعها بالحجة القاطعة ، وهو قوله : { ليجزي } ، فقد وضع الله في العقول وركب في الغرائز وجوب الجزاء ، وأن المحسن لا بد له من ثواب ، والمسيء لا بد له من عقاب . انتهى ، وفي السؤال بعض اختصار ، وفيه دسيسة الاعتزال . والظاهر أن قوله : { ليجزي } متعلق بقوله : { لا يعزب } ، وقيل : بقوله { لتأتينكم } ، وقيل : بالعامل { في كتاب مبين } : أي إلا مستقراً في كتاب مبين ليجزي . وقرأ الجمهور : معجزين مخففاً ، وابن كثير وأبو عمرو والجحدري وأبو السماك : مثقلاً وتقدّم في الحج ، أي معجزين قدرة الله في زعمهم . وقال ابن الزبير : معناه مثبطين عن الإيمان من أراده ، مدخلين عليه العجز في نشاطه ، وهذا هو سعيهم في الآيات ، أي في شأن الآيات . وقال قتادة : مسابقين يحسبون أنهم يفوتوننا . وقال عكرمة : مراغمين . وقال ابن زيد : مجاهدين في إبطالها . وقرأ ابن كثير وحفص وابن أبي عبلة : { أليم } هنا ، وفي الجاثية بالرفع صفة للعذاب ، وباقي السبعة بالجر صفة للرجز ، والرجز : العذاب السيء . والظاهر أن قوله : { والذين سعوا } مبتدأ ، والخبر في الجملة الثانية ، وهي { أولئك } . وقيل : هو منصوب عطفاً على { الذين كفروا } ، أي وليجزي الذين سعوا . واحتمل أن تكون الجملتان المصدرتان بأولئك هما نفس الثواب والعقاب ، واحتمل أن تكونا مستأنفتين ، والثواب والعقاب ما تضمنتا مما هو أعظم ، كرضا الله عن المؤمن دائماً ، وسخطه على الفاسق دائماً . قال العتبي : والظاهر أن قوله : { ويرى } استئناف إخبار عمن أوتي العلم ، يعلمون القرآن المنزل عليك هو الحق . وقيل : ويرى منصوب عطفاً على ليجزي ، وقاله الطبري والثعلبي ؛ وتقدّم الخلاف في { الذين أوتوا العلم } في ذلك المكان الذي نزلت فيه هذه السورة . وقال الزمخشري : أي وليعلم أولو العلم عند مجيء الساعة أنه الحق علماً لا يزاد عليه في الاتفاق ، ويحتجوا به على الذين كفروا وتولوا . ويجوز أن يريد : وليعلم من لم يؤمن من الأخيار أنه هو الحق ، فيزداد حسرة وغماً . انتهى . وإنما قال : عند مجيء الساعة ، لأنه علق ليجزي بقوله : { لتأتينكم } ، فبنى التخريج على ذلك . وقرأ الجمهور : الحق بالنصب ، مفعولاً ثانياً ليرى ، وهو فصل ؛ وابن أبي عبلة : بالرفع جعل هو مبتدأ والحق خبره ، والجملة في موضع المفعول الثاني ليرى ، وهو لغة تميم ، يجعلون ما هو فصل عند غيرهم مبتدأ ، قاله أبو عمر الجرمي . والظاهر أن الفاعل ليهدي هو ضمير الذي أنزل ، وهو القرآن ، وهو استئناف إخبار . وقيل : هو في موضع الحال على إضمار ، وهو يهدي ، ويجوز أن يكون معطوفاً على الحق ، عطف الفعل على الاسم ، كقوله : { صافات ويقبضن } [ الملك : 19 ] ، أي قابضات ، كما عطف الاسم على الفعل في قوله : @ فألفيته يوماً يبير عدوه وبحر عطاء يستحق المعابرا @@ عطف وبحر على يبير ، وقيل : الفاعل بيهدي ضمير عائد على الله ، وفيه بعد . { وقال الذين كفروا } : هم قريش ، قال بعضهم لبعض على جهة التعجب والاستهزاء ، كما يقول الرجل لمن يريد أن يعجبه : هل أدلك على قصة غريبة نادرة ؟ لما كان البعث عندهم من المحال ، جعلوا من يخبر عن وقوعه في حيز من يتعجب منه ، وأتوا باسمه ، عليه السلام ، نكرة في قوله : { هل ندلكم على رجل } ؟ وكان اسمه أشهر علم في قريش ، بل في الدنيا ، وإخباره بالبعث أشهر خبر ، لأنهم أخرجوا ذلك مخرج الاستهزاء والتحلي ببعض الأحاجي المعمولة للتلهي والتعمية ، فلذلك نكروا اسمه . وقرأ الجمهور : { ينبئكم } بالهمز ؛ وزيد بن علي : بإبدال الهمزة ياء محضة . وحكى عنه الزمخشري : ينبئكم ، بالهمز من أنبأ ، وإذا جوابها محذوف تقديره : تبعثون ، وحذف لدلالة ما بعده عليه ، وهو العامل إذا ، على قول الجمهور . وقال الزجاج ذلك ، وقال أيضاً هو والنحاس : العامل { مزقتم } . قال ابن عطية : هو خطأ وإفساد للمعنى . وليس بخطأ ولا إفساد للمعنى ، وإذا الشرطية مختلف في العامل فيها ، وقد بينا ما كتبناه في ( شرح التسهيل ) أن الصحيح أن يعمل فيها فعل الشرط ، كسائر أدوات الشرط . والجملة الشرطية يحتمل أن تكون معمولة لينبئكم ، لأنه في معنى يقول لكم : { إذا مزقتم كل ممزق } ، ثم أكد ذلك بقوله : { إنكم لفي خلق جديد } . ويحتمل أن يكون : { إنكم لفي خلق جديد } معمولاً لينبئكم ، وينبئكم متعلق ، ولولا اللام في خبر إن لكانت مفتوحة ، فالجملة سدت مسد المفعولين . والجملة الشرطية على هذا التقدير اعتراض ، وقد منع قوم التعليق في باب أعلم ، والصحيح جوازه . قال الشاعر : @ حذار فقد نبئت أنك للذي ستجزى بما تسعى فتسعد أو تشقى @@ وممزق مصدر جاء على زنة اسم المفعول ، على القياس في اسم المصدر من كل فعل زائد على الثلاثة ، كقوله : @ ألم تعلم بمسرحي القوافي فلا عيابهن ولا اجتلابا @@ أي : تسريحي القوافي . وأجاز الزمخشري أن يكون ظرف مكان ، أي إذا مزقتم في مكان من القبور وبطون الطير والسباع ، وما ذهبت به السيول كل مذهب ، وما نسفته الرياح فطرحته كل مطرح . انتهى . و { جديد } ، عند البصريين ، بمعنى فاعل ، تقول : جد فهو جاد وجديد ، وبمعنى مفعول عند الكوفيين من جده إذا قطعه . والظاهر أن قوله : { أفترى } من قول بعضهم لبعض ، أي هو مفتر ، { على الله كذباً } فيما ينسب إليه من أمر البعث ، { أم به } جنون يوهمه ذلك ويلقيه على لسانه . عادلوا بين الافتراء والجنون ، لأن هذا القول عندهم إنما يصدر عن أحد هذين ، لأنه إذا كان يعتقد خلاف ما أتى به فهو مفتر ، وإن كان لا يعتقده فهو مجنون . ويحتمل أن يكون من كلام السامع المجيب لمن قال : { هل ندلكم } ، ردد بين الشيئين ولم يجزم بأحدهما ، حيث جوز هذا وجوز هذا ، ولم يجزم بأنه افتراء محض ، احترازاً من أن ينسب الكذب لعاقل نسبة قطعية ، إذ العاقل حتى الكافر لا يرضى بالكذب ، لا من نفسه ولا من غيره ، وأضرب تعالى عن مقالتهم ، والمعنى : ليس للرسول كما نسبتم ألبتة ، بل أنتم في عذاب النار ، أو في عذاب الدنيا بما تكابدونه من إبطال الشرع وهو بحق ، وإطفاء نور الله وهو متم . ولما كان الكلام في البعث قال : { بل الذين لا يؤمنون بالآخرة } ، فرتب العذاب على إنكار البعث ، وتقدم الكلام في وصف الضلال بالبعد ، وهو من أوصاف المحال استعير للمعنى ، ومعنى بعده : أنه لا ينقضي خبره المتلبس به . { أفلم يروا } : أي هؤلاء الكفار الذين لا يؤمنون بالآخرة ، { إلى ما بين أيديهم } : أي حيث ما تصرفوا ، فالسماء والأرض قد أحاطتا بهم ، ولا يقدرون أن ينفذوا من أقطارهما ، ولا يخرجوا عن ملكوت الله فيهما . وقال الزمخشري : أعموا فلم ينظروا ، جعل بين الفاء والهمزة فعلاً يصح العطف عليه ، وهو خلاف ما ذهب إليه النحويون من أنه لا محذوف بينهما ، وأن الفاء للعطف على ما قبل همزة الاستفهام ، وأن التقدير فالم ، لكن همزة الاستفهام لما كان لها الصدر قدمت ، وقد رجع الزمخشري إلى مذهب النحويين في ذلك ، وقد رددنا عليه هذا المذهب فيما كتبناه في ( شرح التسهيل ) . وقفهم تعالى على قدرته الباهرة ، وحذرهم إحاطتها بهم على سبيل الإهلاك لهم ، وكان ثم حال محذوفة ، أي أفلا يرون إلى ما يحيط بهم من سماء وأرض مقهور تحت قدرتنا نتصرف فيه كما نريد ؟ { إن نشأ نخسف بهم الأرض } ، كما فعلنا بقارون ، { أو نسقط عليهم كسفاً من السماء } ، كما فعلنا بأصحاب الظلة ، أو { أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم } محيطاً بهم ، وهم مقهورون تحت قدرتنا ؟ { إن في ذلك } النظر إلى السماء والأرض ، والفكر فيهما ، وما يدلان عليه من قدرة الله ، { لآية } : لعلامة ودلالة ، { لكل عبد منيب } : راجع إلى ربه ، مطيع له . قال مجاهد : مخبت . وقال الضحاك : مستقيم . وقال أبو روق : مخلص في التوحيد . وقال قتادة : مقبل إلى ربه بقلبه ، لأن المنيب لا يخلو من النظر في آيات الله على أنه قادر على كل شيء من البعث ومن عقابه من يكفر به . وقرأ الجمهور : إن نشأ نخسف ونسقط بالنون في الثلاثة ؛ وحمزة والكسائي ، وابن وثاب ، وعيسى ، والأعمش ، وابن مطرف : بالياء فيهن ؛ وأدغم الكسائي الفاء في الباء في نخسف بهم . قال أبو علي : وذلك لا يجوز ، لأن الباء أضعف في الصوت من الفاء ، فلا تدغم فيها ، وإن كانت الباء تدغم في الفاء ، نحو : اضرب فلاناً ، وهذا ما تدغم الباء في الميم ، كقولك : اضرب مالكاً ، ولا تدغم الميم في الباء ، كقولك : اصمم بك ، لأن الباء انحطت عن الميم بفقد الغنة التي في الميم . وقال الزمخشري : وقرأ الكسائي نخسف بهم ، بالإدغام ، وليست بقوية . انتهى . والقراءة سنة متبعة ، ويوجد فيها الفصيح والأفصح ، وكل ذلك من تيسيرة تعالى القرآن للذكر ، فلا التفات لقول أبي علي ولا الزمخشري .