Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 23-29)
Tafsir: al-Baḥr al-muḥīṭ
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ابتدأ تعالى قصة موسى عليه السلام مع فرعون تسلية للرسول عليه الصلاة والسلام ، و وعيداً لقريش أن يحل بهم ما حل بفرعون وقومه من نقمات الله ، ووعد للمؤمنين بالظفر والنصر وحسن العاقبة . وآيات موسى عليه السلام كثيرة ، والذي تحدى به من المعجز العصا واليد . وقرأ عيسى : وسلطان بضم اللام ، والسلطان المبين : الحجة والبرهان الواضح . والظاهر أن قارون هو الذي ذكره تعالى في قوله : { إن قارون كان من قوم موسى } [ القصص : 76 ] ، وهو من بني إسرائيل . وقيل : هو غيره ، ونص على هامان وقارون لمكانتهما في الكفر ، ولأنهما أشهر أتباع فرعون . { فقالوا ساحر كذاب } : أي هذا ساحر ، لما ظهر على يديه من قلب العصا حية ، وظهور النور الساطع على يده ، كذاب لكونه ادعى أنه رسول من رب العالمين . { فلما جاءهم بالحق من عندنا } : أي بالمعجزات والنبوة والدعاء إلى الإيمان بالله ، { قالوا } ، أي أولئك الثلاثة ، { اقتلوا } . قال ابن عباس : أي أعيدوا عليهم القتل كالذي كان أولاً . انتهى . يريد أن هذا غير القتل الأول ، وإنما أمروا بقتل أبناء المؤمنين لئلا يتقوى بهم موسى عليه السلام ، وباستحياء النساء للاستخدام والاسترقاق ، ولم يقع ما أمروا به ولا تم لهم ، ولا أعانهم الله عليه . { وما كيد الكافرين إلا في ضلال } : أي في حيرة وتخبط ، لم يقع منه شيء ، ولا أنجح سعيهم ، وكانوا باشروا القتل أولاً ، فنفذ قضاء الله في إظهار من خافوا هلاكهم على يديه . وقيل : كان فرعون قد كف عن قتل الأبناء ، فلما بعث موسى ، وأحس أنه قد وقع ما كان يحذره ، أعاد القتل عليهم غيظاً وحنقاً وظناً منه أنه يصدهم بذلك عن مظاهرة موسى ، وما علم أن كيده ضائع في الكرتين معاً . { وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه } ، قال الزمخشري : بعضه من كلام الحسن ، كان إذا هم بقتله كفوه بقولهم : ليس بالذي تخافه ، هو أقل من ذلك وأضعف ، وما هو إلا بعض السحرة ، ومثله لا يقاومه إلا ساحر مثله ، ويقولون : إن قتلته أدخلت الشبهة على الناس ، واعتقدوا أنك عجزت عن مظاهرته بالحجة . والظاهر أن فرعون ، لعنه الله ، كان قد استيقن أنه نبي ، وأن ما جاء به آيات وما هو سحر ، ولكن الرجل كان فيه خبث وجبروت ، وكان قتالاً سفاكاً للدماء في أهون شيء ، فكيف لا يقتل من أحس منه بأنه هو الذي يثل عرشه ، ويهدم ملكه ؟ ولكنه يخاف إن هم بقتله أن يعاجل بالهلاك . وقوله : { وليدع ربه } : شاهد صدق على فرط خوفه منه ومن دعوته ربه ، كان قوله : { ذروني أقتل موسى } تمويهاً على قومه وإيهاماً أنهم هم الذين يكفونه ، وما كان يكفه إلا ما في نفسه من هول الفزع . وقال ابن عطية : الظاهر من أمر فرعون أنه لما بهرت آيات موسى انهدَّ ركنه واضطربت معتقدات أصحابه ، ولم يفقد منهم من يجاذبه الخلاف في أمره ، وذلك بين من غير ما موضع في قصتهما ، وفي ذلك على هذا دليلان : أحدهما : قوله { ذروني } ، فليست هذه من ألفاظ الجبابرة المتمكنين من إنفاذ أوامرهم . الدليل الثاني : في مقالة المؤمن وما صدع به ، وأن مكاشفته لفرعون خير من مساترته ، وحكمه بنبوة موسى أظهر من تقريبه في أمره . وأما فرعون ، فإنه نحا إلى المخرقة والاضطراب والتعاطي ، ومن ذلك قوله : { ذروني أقتل موسى وليدع ربه } : أي إني لا أبالي من رب موسى ، ثم رجع إلى قومه يريهم النصيحة والخيانة لهم ، فقال : { إني أخاف أن يبدل دينكم } ، والدين : السلطان ، ومنه قول زهير : @ لئن حللت بجوّ في بني أسد في دين عمرو وحالت بيننا فدك @@ انتهى . وتبديل دينهم هو تغييره ، وكانوا يعبدونه ويعبدون الأصنام ، كما قال : { ويذرك وآلهتك } [ الأعراف : 127 ] . أو أن يظهر الأرض الفساد ، وذلك بالتهارج الذي يذهب معه الأمن ، وتتعطل المزارع والمكاسب ، ويهلك الناس قتلاً وضياعاً ، فأخاف فساد دينكم ودنياكم معاً . وبدأ فرعون بخوفه تغيير دينهم على تغيير دنياهم ، لأن حبهم لأديانهم فوق حبهم لأموالهم . وقيل : { ذروني } يدل على أنهم كانوا يمنعونه من قتله ، إما لكون بعضهم كان مصدقاً له فيتحيل في منع قتله ، وإما لما روي عن الحسن مما ذكر الزمخشري ، وإما الشغل قلب فرعون بموسى حتى لا يتفرغ لهم ، ويأمنوا من شره ؛ كما يفعلون مع الملك ، إذا خرج عليه خارجي شغلوه به حتى يأمنوا من شره . وقرأ الكوفيون : أو أن ، بترديد الخوف بين تبديل الدين أو ظهور الفساد . وقرأ باقي السبعة : وأن بانتصاب الخوف عليهما معاً . وقرأ أنس بن مالك ، وابن المسيب ، ومجاهد ، وقتادة ، وأبو رجاء ، والحسن ، والجحدري ، ونافع ، وأبو عمرو ، وحفص : { يظهر } من أظهر مبنياً للفاعل ، { الفساد } : نصباً . وقرأ باقي السبعة ، والأعرج ، والأعمش ، وابن وثاب ، وعيسى : يظهر من ظهر مبنياً للفاعل ، الفساد : رفعاً . وقرأ مجاهد : يظهر بشد الظاء والهاء ، الفساد : رفعاً . وقرأ زيد بن عليّ : يظهر : بضم الياء وفتح الهاء مبنياً للمفعول ، الفساد : رفعا " . ولما سمع موسى بمقالة فرعون ، استعاذ بالله من شر كل متكبر منكر للمعاد . وقال : { وربكم } : بعثاً على الاقتداء به ، فيعوذون بالله ويعتصمون به ومن كل متكبر يشمل فرعون وغيره من الجبابرة ؛ وكان ذلك على طريق التعريض ، وكان أبلغ . والتكبر : تعاظم الإنسان في نفسه مع حقارته ، لأنه يفعل ولا يؤمن بيوم الحساب ، أي بالجزاء ، وكان ذلك آكد في جراءته ، إذ حصل له التعاظم في نفسه ، وعدم المبالاة بما ارتكب . وقرأ أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي : عدت بالإدغام ؛ وباقي السبعة : بالإظهار . وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه ، قيل : كان قبطياً ابن عم فرعون ، وكان يجري مجرى ولي العهد ، ومجرى صاحب الشرطة . وقيل : كان قبطياً ليس من قرابته . وقيل : قيل فيه من آل فرعون ، لأنه كان في الظاهر على دينه ودين أتباعه . وقيل : كان إسرائيلياً وليس من آل فرعون ، وجعل آل فرعون متعلقاً بقوله : { يكتم إيمانه } ، لا في موضع الصفة لرجل ، كما يدل عليه الظاهر ، وهذا فيه بعد ، إذ لم يكن لأحد من بني إسرائيل أن يتجاسر عند فرعون بمثل ما تكلم به هذا الرجل . وقد رد قول من علق من آل فرعون بيكتم ، فإنه لا يقال : كتمت من فلان كذا ، إنما يقال : كتمت فلاناً كذا ، قال تعالى : { ولا يكتمون الله حديثاً } [ النساء : 42 ] ، وقال الشاعر : @ كتمتك ليلاً بالجمومين ساهراً وهمين هماً مستكناً وظاهرا أحاديث نفس تشتكي ما يريبها وورد هموم لن يجدن مصادرا @@ أي : كتمتك أحاديث نفس وهمين . قيل : واسمه سمعان . وقيل : حبيب . وقيل : حزقيل . وقرأ الجمهور : { رجل } بضم الجيم . وقرأ عيسى ، وعبد الوارث ، وعبيد بن عقيل ، وحمزة بن القاسم عن أبي عمرو : بسكون ، وهي لغة تميم ونجد . { أتقتلون رجلاً أن يقول } : أي لأن يقول { ربي الله } ، وهذا إنكار منه عظيم وتبكيت لهم ، كأنه قال : أترتكبون الفعلة الشنعاء التي هي قتل نفس محرمة وما لكم عليه في ارتكابها إلا كلمة الحق التي نطق بها ، وهي قوله : { ربي الله } ، مع أنه { قد جاءكم بالبينات من ربكم } : أي من عند من نسب إليه الربوبية ، وهو ربكم لا ربه وحده ؟ وهذا استدراج إلى الاعتراف . وقال الزمخشري : ولك أن تقدر مضافاً محذوفاً ، أي وقت أن يقول ، والمعنى : أتقتلونه ساعة سمعتم منه هذا القول من غير روية ولا فكر في أمره ؟ انتهى . وهذا الذي أجازه من تقدير المضاف المحذوف الذي هو وقت لا يجوز ، تقول : جئت صياح الديك ، أي وقت صياح الديك ، ولا أجيء أن يصيح الديك ، نص على ذلك النحاة ، فشرط ذلك أن يكون المصدر مصرحاً به لا مقدراً ، وأن يقول ليس مصدراً مصرحاً به . { بالبينات } : بالدلائل على التوحيد ، وهي التي ذكرها في طه والشعراء حالة محاورته له في سؤاله عن ربه تعالى . ولما صرح بالإنكار عليهم ، غالطهم بعد في أن قسم أمره إلى كذب وصدق ، وأدّى ذلك في صورة احتمال ونصيحة ، وبدأ في التقسيم بقوله : { وإن يك كاذباً فعليه كذبه } ، مداراة منه وسالكاً طريق الإنصاف في القول ، وخوفاً إذا أنكر عليهم قتله أنه ممن يعاضده ويناصره ، فأوهمهم بهذا التقسيم والبداءة بحالة الكذب حتى يسلم من شره ، ويكون ذلك أدنى لتسليمهم . ومعنى { فعليه كذبه } : أي لا يتخطاه ضرره . { وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم } ، وهو يعتقد أنه نبي صادق قطعاً ، لكنه أتى بلفظ بعض لإلزام الحجة بأسرها في الأمر ، وليس فيه نفي أن يصيبهم كل ما يعدهم . وقالت فرقة : يصبكم بعض العذاب الذي يذكر ، وذلك كان في هلاكهم ، ويكون المعنى : يصبكم القسم الواحد مما يعد به ، وذلك هو بعض مما يعد ، لأنه عليه السلام وعدهم إن آمنوا بالنعمة ، وإن كفروا بالنقمة . وقالت فرقة : بعض الذي يعدكم عذاب الدنيا ، لأنه بعض عذاب الآخرة ، ويصيرون بعد ذلك إلى النار . وقال أبو عبيدة وغيره : بعض بمعنى كل ، وأنشدوا عمرو بن شسيم القطامي : @ قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل @@ وقال الزمخشري : وذلك أنه حين فرض صادقاً ، فقد أثبت أنه صادق في جميع ما يعد ، ولكنه أردفه { يصبكم بعض الذين يعدكم } ، ليهضمه بعض حقه في ظاهر الكلام ، فيريهم أنه ليس بكلام من أعطاه وافياً فضلاً أن يتعصب له . فإن قلت : وعن أبي عبيدة أنه قسم البعض بالكل ، وأنشد بيت لبيد وهو : @ تراك أمكنة إذا لم أرضها ويريك من بعض النفوس حمامها @@ قلت : إن صحت الرواية عنه فقد حق في قول المازني في مسألة العافي كان أحفى من أن يفقه ما أقول له . انتهى ، ويعني أن أبا عبيدة خطأه الناس في اعتقاده أن بعضاً يكون بمعنى كل ، وأنشدوا أيضاً في كون بعض بمعنى كل قول الشاعر : @ إن الأمور إذا الأحداث دبرها دون الشيوخ في بعضها خللا @@ أي : إذا رأى الأحداث ، ولذلك قال دبرها ولم يقل دبروها ، راعي المضاف المحذوف . { إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب } فيه : إشارة إلى علو شأن موسى ، عليه السلام ، وأن من اصطفاه الله للنبوة لا يمكن أن يقع منه إسراف ولا كذب ، وفيه تعريض بفرعون ، إذ هو غاية الإسراف على نفسه بقتل أبناء المؤمنين ، وفي غاية الكذب ، إذ ادّعى الإلهية والربوبية ، ومن هذا شأنه لا يهديه الله . وفي الحديث : " الصديقون ثلاثة : حبيب النجار مؤمن آل يس ، ومؤمن آل فرعون ، وعليّ بن أبي طالب " وفي الحديث : " أنه عليه السلام ، طاف بالبيت ، فحين فرغ أخذ بمجامع ردائه ، فقالوا : له أنت الذي تنهانا عما كان يعبد آباؤنا ؟ فقال : أنا ذاك ، فقام أبو بكر ، رضي الله عنه ، فالتزمه من ورائه وقال : أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله ، وقد جاءكم بالبينات من ربكم " ، رافعاً صوته بذلك وعيناه تسفحان بالدموع حتى أرسلوه " وعن جعفر الصادق : أن مؤمن آل فرعون قال ذلك سرًّا ، وأبو بكر قاله ظاهراً . وقال السدي : مسرف بالقتل . وقال قتادة : مسرف بالكفر . وقال صاحب التحرير والتحبير : هذا نوع من أنواع علم البيان تسميه علماؤنا استدراج المخاطب ، وذلك أنه لما رأى فرعون قد عزم على قتل موسى ، والقوم على تكذيبه ، أراد الانتصار له بطريق يخفي عليهم بها أنه متعصب له ، وأنه من أتباعه ، فجاءهم من طريق النصح والملاطفة فقال : { أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله } ، ولم يذكر اسمه ، بل قال رجلاً يوهم أنه لا يعرفه ولا يتعصب له ، { أن يقول ربي الله } ، ولم يقل رجلاً مؤمناً بالله ، أو هو نبي الله ، إذ لو قال شيئاً من ذلك لعلموا أنه متعصب . ولم يقبلوا قوله ، ثم اتبعه بما بعد ذلك ، فقدم قوله : { وإن يك كاذباً } ، موافقة لرأيهم فيه . ثم تلاه بقوله : { وإن يك صادقاً } ، ولو قال هو صادق وكل ما يعدكم ، لعلموا أنه متعصب ، وأنه يزعم أنه نبي ، وأنه يصدقه ، فإن الأنبياء لا تخل بشيء مما يقولونه ، ثم أتبعه بكلام يفهم منه أنه ليس بمصدق ، وهو قوله : { إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب } . انتهى . ثم قال : { يا قوم } نداء متلطف في موعظتهم . { لكم الملك اليوم ظاهرين } : أي عالمين : { في الأرض } : في أرض مصر ، قد غلبتم بني إسرائيل فيها ، وقهرتموهم واستعبدتموهم ، وناداهم بالملك الذي هو أعظم مراتب الدنيا وأجهلها ، وهو من جهة شهواتهم ، وانتصب ظاهرين على الحال ، والعامل فيها هو العامل في الجار والمجرور ، وذو الحال هو ضمير لكم . ثم حذرهم أن يفسدوا على أنفسهم بأنه إن جاءهم بأس الله لم يجدوا ناصراً لهم ولا دافعاً ، وأدرج نفسه في قوله : { ينصرنا } ، و { جاءنا } لأنه منهم في القرابة ، وليعلمهم أن الذي ينصحهم به هو مشارك لهم فيه . وأقوال هذا المؤمن تدل على زوال هيبة فرعون من قلبه ، ولذلك استكان فرعون وقال : { ما أريكم إلا ما أرى } : أي ما أشير عليكم إلا بقتله ، ولا أستصوب إلا ذلك ، وهذا قول من لا تحكم له ، وأتى بما وإلا للحصر والتأكيد . { وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } ، لا ما تقولونه من ترك قتله وقد كذب ، بل كان خائفاً وجلاً ، وقد علم أن ما جاء به موسى عليه السلام حق ، ولكنه كان يتجلد ، ويرى ظاهره خلاف ما أبطن . وأورد الزمخشري وابن عطية وأبو القاسم الهذلي هنا أن معاذ بن جبل قرأ الرشاد بشد الشين . قال أبو الفتح : وهو اسم فاعل في بنية مبالغة من الفعل الثلاثي رشد ، فهو كعباد من عبد . وقال الزمخشري : أو من رشد ، كعلام من علم . وقال النحاس : هو لحن ، وتوهمه من الفعل الرباعي ، ورد عليه أنه لا يتعين أن يكون من الرباعي ، بل هو من الثلاثي ، على أن بعضهم قد ذهب إلى أنه من الرباعي ، فبنى فعال من أفعل ، كدراك من أدرك ، وسآر من أسأر ، وجبار من أجبر ، وقصار من أقصر ، ولكنه ليس بقياس ، فلا يحمل عليه ما وجدت عنه مندوحة ، وفعال من الثلاثي مقيس فحمل عليه . وقال أبو حاتم : كان معاذ بن جبل يفسرها بسبيل الله . قال ابن عطية : ويبعد عندي على معاذ رضي الله عنه . وهل كان فرعون إلا يدعي أنه إله ؟ وتعلق بناء اللفظ على هذا التأويل . انتهى . وإيراد الخلاف في هذا الحرف الذي هو من قول فرعون خطأ ، وتركيب قول معاذ عليه خطأ ، والصواب أن الخلاف فيه هو قول المؤمن : { اتبعون أهدكم سبيل الرشاد } [ غافر : 38 ] . قال أبو الفضل الرازي في ( كتاب اللوامح ) له من شواذ القراءات ما نصه : معاذ بن جبل سبيل الرشاد ، الحرف الثاني بالتشديد ، وكذلك الحسن ، وهو سبيل الله تعالى الذي أوضح الشرائع ، كذلك فسره معاذ بن جبل ، وهو منقول من مرشد ، كدراك من مدرك ، وجبار من مجبر ، وقصار من مقصر عن الأمر ، ولها نظائر معدودة ، فأما قصار فهو من قصر من الثوب قصارة . وقال ابن خالويه ، بعد أن ذكر الخلاف في التناد وفي صد عن السبيل ما نصه : سبيل الرشاد بتشديد الشين ، معاذ بن جبل . قال ابن خالويه : يعني بالرشاد الله تعالى . انتهى . فهذا لم يذكر الخلاف إلا في قول المؤمن : { أهديكم إلا سبيل الرشاد } ، فذكر الخلاف فيه في قول فرعون خطأ ، ولم يفسر معاذ بن جبل الرشاد أنه الله تعالى إلا في قول المؤمن ، لا في قول فرعون . قال ابن عطية : ذلك التأويل من قول فرعون وَهْمٌ .